وغير ذلك من الآيات الدالة على تذكر أهل
القيامة لما جرى لهم في العالم الدنيوي ممّا يدلّ على عدم نسيان الحوادث رغم طول
الفاصلة الزمنية.
٣. انّ الهدف من أخذ الميثاق ـ أساساً ـ
هو أن يعمل الأشخاص بموجب ذلك الميثاق ، والعمل فرع للتذكّر ، فإذا لم يتذكّر
الشخص أي شيء من هذا الميثاق ، فكيف ترى يصح الاحتجاج به عليه ، وكيف يمكن دفعه
إلى العمل وفقه ؟
على أنّنا بعد أن كتبنا هذا ، وقفنا على
كلام للعلاّمة الشريف المرتضى في ( أماليه ) وهو ينص على ما ذكرنا حيث أبطل هذا
الرأي إذ قال :
« وقد ظن بعض من لا بصيرة له ولا فطنة
عنده ، أنّ تأويل هذه الآية : أنّ الله استخرج من ظهر آدم عليهالسلام جميع ذريته وهم في خلق الذر ، فقررهم
بمعرفته وأشهدهم على أنفسهم.
وهذا التأويل ـ مع أنّ العقل يبطله
ويحيله ـ مما يشهد ظاهر القرآن بخلافه ، لأنّ الله تعالى قال : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ) ولم يقل من
آدم وقال : (مِن ظُهُورِهِمْ) ولم يقل :
من ظهره ، وقال : (ذُرِّيَّتَهُمْ) ولم يقل :
ذريته.
ثم أخبر تعالى بأنه فعل ذلك لئلا يقولوا
يوم القيامة أنّهم كانوا عن ذلك غافلين أو يعتذروا بشرك آبائهم ، وأنّهم نشأوا على
دينهم وسنتهم ».
ثم يقول الشريف المرتضى :
« فأمّا شهادة العقول فمن حيث لا تخلو
هذه الذرية ـ التي استخرجت من ظهور آدم عليهالسلام
فخوطبت وقررت ـ من أن تكون كاملة العقول مستوفية لشروط التكليف أو لا تكون ، فإن
كانت بالصفة الأُولى وجب أن يذكر هؤلاء بعد خلقهم