وإنشائهم ، وإكمال
عقولهم ما كانوا عليه في تلك الحال ، وما قرّروا به واستشهدوا عليه ، لأنّ العاقل
لا ينسى ما جرى هذا المجرى وأن بعد العهد وطال الزمان وليس أيضاً لتخلل الموت بين
الحالتين تأثير.
على أنّ تجويز النسيان عليهم ينقض الغرض
في الآية ، وذلك لأنّ الله تعالى أخبر بأنّه إنّما قرّرهم وأشهدهم لئلاّ يدّعوا
يوم القيامة الغفلة عن ذلك وسقوط الحجة عنهم فيه ، فإذا جاز نسيانهم له عاد الأمر
إلى سقوط الحجة وزوالها ، وإن كانوا على الصفة الثانية من فقد العقل وشرائط
التكليف قبح خطابهم وتقريرهم وإشهادهم وصار ذلك عبثاً قبيحاً يتعالى الله عنه » [١].
٤. انّ هذه النظرية تؤول إلى نوع من
القول بالتناسخ الذي بطلانه من ضروريات الدين ، لأنّه يعني ـ على أساس هذه النظرية
ـ أنّ الإنسان أتى إلى هذه الدنيا قبل ذلك ، ثم بعد العيش القصير ارتحل ثم عاد
بصورة تدريجية إلى هذه الدنيا مرة ثانية .. وهو التناسخ الذي أبطله المحقّقون
والعلماء المسلمون [٢].
ويبقى ها هنا سؤال وهو : إذا كانت هذه
النظرية تواجه تلك الإشكالات وتعاني من هذا القصور ، فما هو مصير الأحاديث
والروايات التي تسند هذه النظرية ؟! وسيوافيك حق المقال فيها.
[٢] هذه الانتقادات
الأربعة نقلها صاحب مجمع البيان من المحققين الإسلاميين في : ٤ / ٤٩٧. وذكرت أيضاً
في الميزان بالإضافة إلى انتقادات أُخرى ، راجع لذلك : ٨ / ٣٢٥ ـ ٣٢٧ ، كما وذكرت
هذه النظرية في تفسير الرازي مع اثني عشر إشكالاً فراجع : ٤ / ٢٢١ ـ ٢٢٢.