وذلك لأنّ أيّة ظاهرة وأي شيء نتصوّره
في عالم الذهن لا يخرج عن إحدى حالتين عندما ننسب إليه الوجود الخارجي فهو :
إمّا أن يقتضي الوجود لذاته ، أي ينبع
الوجود من ذاته ، فهو « واجب الوجود ».
وإمّا يقتضي العدم لذاته ، بمعنى أنّ
العقل يمنع الوجود عنه ، فهو « ممتنع الوجود ».
وأمّا لو كان الوجود والعدم بالنسبة
إليه على حد سواء ( أي لا يقتضي لا الوجود ولا العدم بذاته ) فحينئذ يحتاج اتصافه
بأحد الأمرين ، أعني : العدم والوجود إلى عامل خارجي حتماً ، لكي يخرجه من حالة
التوسط والتساوي ويضفي عليه طابع الوجود أو العدم ، وهذا النوع هو ما اصطلح على
تسميته ب « ممكن الوجود ».
وعندما نتصور الأشياء والظواهر الكونية
نجد أنّ العدم أو الوجود لم يكن جزءاً من ماهيتها ولا عينها ولا مزروعاً فيها في
الأصل ، فإذا وجدناها تلبس ثوب الوجود ، فلابد أن يكون هناك عامل خارجي عن ذاتها
هو الذي أسبغ عليها ذلك .. وهو الذي أخرجها من عالم المعدومات إلى حيز الموجودات ،
أو بالعكس.
وهذا العامل الخارجي إن كان هو أيضاً
على غرار تلك الأشياء في كونها ممكنة الوجود إذن لاحتاج إلى عامل خارجي آخر يضفي
عليه حلة الوجود ويطرد عن ساحته صفة العدم.