وإن كان هذا العامل الثاني نظير العامل
الأوّل « في صفة الإمكان » لاحتاج إلى عامل آخر ، وهكذا دواليك بحيث يلزم «
التسلسل ».
وأمّا لو كان العامل الخارجي الأوّل ـ
في حين كونه موجداً وعلّة للأشياء ـ معلولاً وموجداً من قبل نفس تلك الأشياء لزم «
الدور » المستحيل في منطق العقول.
ولما كان التسلسل والدور باطلين عقلاً [١] لزم أن نذعن بأنّ كل الحادثات الممكنات
تنتهي إلى موجد « غني بالذات » « قائم بنفسه » غير قائم بغيره ، وغير مفتقر في
وجوده إلى أحد أو شيء على الإطلاق.
وذلك الغني بالذات هو « الواجب الوجود »
هو الله العالم ، القادر ، القيوم .. القائم بذاته القائم به ما سواه.
وهذا هو دليل الإمكان.
٤. برهان الحركة
كان روّاد العلوم الطبيعية ـ في السابق ـ
كأرسطوا وأتباعه ، يستدلّون ب « حركة الأجسام والأجرام الفلكية » على وجود
المحرّك ، وبذلك يثبتون وجود الله.
فكانوا يقولون ما خلاصته : إنّه لا بد
لهذه الأجرام المتحرّكة من محرّك منزّه عن الحركة ، وذلك استناداً إلى القاعدة
العقلية المسلمة القائلة : « لابد لكل متحرّك من محرّك غير متحرّك ».
[١] سيوافيك بيان
جهة بطلان التسلسل والدور في الأبحاث القادمة.