الأصوات ، وقارنّا
عن كثب بمناسبة الصوت للصوت ، وملاءمة النطق بالحروف ، ومتابعة الأذن للموسيقى ،
والسمع للنبر والتنغيم ، زيادة على ما تقدم لكنا قد أحسنّا التعليل فيما يبدو، أو
توصلنا في الأقل إلى بعض الوجوه المحتملة ، أو الفوائد الصوتية المترتبة على هذا
المعلم الواضح ، والله أعلم.
وقد يقال بأن هذا المعلم إنما ينطبق على
أجزاء من الآيات لا الفاصلة وحدها ، فيقال حينئذ بأن وجود الفاصلة في هذه الأجزاء
من الآيات هو الذي جعل جملة هذا الكلام موزوناً ، فبدونها ينفرط نظام هذا السلك ،
وينحل عقد هذا الابرام لهذا نسبنا أن يكون الحديث عن هذا الملحظ ضمن هذا البحث.
ومهما يكن من أمر ، فإن ورود ما ورد من
هذا القبيل في القرآن ينظر فيه إلى غرضه الفني مضافاً إلى الغرض التشريعي ، وهما
به متعانقان.
إننا بين يدي مخزون ثر في هذا الرصد ،
ننظره وكأننا نلمسه ، ونتحسسه وكأننا نحيا به ، فحينما نستمع خاشعين إلى صيغة
موزونة منتظمة بقوله تعالى : (إنّا
اعطيناك الكوثر )[١]. فإننا نتعامل
مع وقع خاص بذكرنا بالعطاء غير المحدود للنبي الكريم ، وحينما نستمع ـ موزوناً ـ
إلى قوله تعالى : (هيهات
هيهات لما توعدون )[٢]. تصك
أسماعنا بلغة الوعيد ، فنخشع القلوب ، وتتحسس الأفئدة.
وحينما نستمع ـ موزوناً ـ إلى قوله
تعالى : (وذلّلت قطوفها تذليلاً
)[٣]. نستبشر من الأعماق بهذا المناخ الهادي
، ونستشعر هذا النعيم السرمدي بإيقاع يأخذ بمجامع القلوب ، ويشد إليه المشاعر.
وحينما نستمع ـ موزوناً ـ إلى قوله
تعالى : (تبت يدآ أبي لهب )[٤].
يقرع أسماعنا هذا المصير الشديد العاتي ، فيستظهره السامع دون جهد ، ويجري مجرى
الأمثال في إفادة عبرتها وحجتها. وحينما نستمع حالمين