نام کتاب : الشفاعة في الكتاب والسنّة نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 46
نرى أنّ الإمام الرازي جعل قول الملائكة في حق المؤمنين والتائبين ، من أقسام الشفاعة ، وفسّر قوله: ( فاغفر للّذين تابوا) بالشفاعة . وهذا دليل واضح على أنّ الدعاء في حق المؤمن ، شفاعة في حقّه ، وطلبه منه طلبُ الشفاعة .
ونقل نظام الدين النيسابوري ، في تفسير قوله تعالى: ( مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا)[1] عن مقاتل: إنّ الشفاعة إلى الله إنّما هي دعوة الله لمسلم ، لما روي عن النبيـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : «من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له ، وقال الملك: ولك مثل ذلك»[2] .
والذي يوضح أنّ شفاعة النبي عبارة عن دعائه في حقّ المشفوع له ، ما رواه مسلم في
«صحيحه» عن النبي الأكرم أنّه قال: «ما من ميّت يُصلّي عليه أُمّة من المسلمين يبلغون مائة كلّهم يشفعون له إلاّ شُفِّعوا فيه»[3] .
وفسّر الشارح قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : «يشفعون له» بقوله: أي يدعون له ، كما فسّر قولهـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : «إلاّ شُفِّعوا فيه» بقوله: أي قبلت شفاعتهم .
وروي أيضاً عن عبد الله بن عباس أنّه قال: سمعت رسول الله يقول: «ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئاً إلاّ شفّعهم الله فيه»[4] أي قبلت شفاعتهم في حق ذلك الميت فيغفر له .
فإذا كان مرجع الاستشفاع من الصالحين إلى طلب الدعاء ، فكل من يطلب من النبي الشفاعة لا يقصد منه إلاّ المعنى الشائع[5] .
[1] النساء : 85 .
[2] غرائب القرآن بهامش تفسير الطبري: 5 : 118 .
[3] صحيح مسلم 4: 53 ، طـ . مصر ، مكتبة محمد علي صبيح وأولاده .
[4] المصدر نفسه .
[5] لو كان للشفاعة معنى آخر من التصرف التكويني في قلوب المذنبين ، وتصفيتهم في البرزخ ، ومواقف القيامة فهو أمر عقلي لا يتوجّه إليه إلاّ الأوحدي من الناس .
نام کتاب : الشفاعة في الكتاب والسنّة نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 46