إلی جمیعهم [1]، و کذلک نظامُ الدین القوشجی فی شرحه علی التجرید [2]. و قد خالفهم أئمة المسلمین و علماؤهم فی هذا الموقف و قالوا بجواز العفو عن العصاة عقلًا و سمعاً. أمّا العقل فلأنّ العقاب حق للَّه تعالی فیجوز ترکه. و أمّا السمع، فللآیات الدالّة علی العفو فیما دون الشرک، قال سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَکَ بِهِ وَ یَغْفِرُ ما دُونَ ذلِکَ لِمَنْ یَشاءُ» [3]. و الآیة واردة فی حق غیر التائب؛ لأنّ الشرک مغفور بالتوبة أیضاً، و قال سبحانه: «وَ إِنَّ رَبَّکَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلی ظُلْمِهِمْ» [4] أی تشملهم المغفرة مع کونهم ظالمین. و قال سبحانه: «قُلْ یا عِبادِیَ الَّذِینَ أَسْرَفُوا عَلی أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِیعاً» [5]، إلی غیر ذلک من النصوص المتضافرة علی العفو فی حق العصاة. و مع ذلک لا مانع من شمول أدلّة الشفاعة لهم. و أوضح دلیل علی العفو بدون التوبة قوله سبحانه: «وَ هُوَ الَّذِی یَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ یَعْفُوا عَنِ السَّیِّئاتِ» [6] فإنّ عطف قوله: «وَ یَعْفُوا عَنِ السَّیِّئاتِ» علی قوله: «یَقْبَلُ التَّوْبَةَ» ب «واو العطف»، یدلّ علی التغایر بین الجملتین، و إنّ هذا العفو لا یرتبط بالتوبة و إلّا کان اللازم عطفُه بالفاء. و قال سبحانه: «وَ ما أَصابَکُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما کَسَبَتْ أَیْدِیکُمْ وَ یَعْفُوا عَنْ
[1] کشف المراد فی شرح تجرید الاعتقاد: ص 261، ط صیدا. [2] شرح التجرید: ص 501. [3] النساء: 48. [4] الرعد: 6. [5] الزمر: 53. [6] الشوری: 25.