الآخرة شفيع يطاع لأنّ المطاع فوق المطيع واللّه تعالى فوق كل موجود ولا أحد فوقه، ولا يلزم من نفي الشفيع المطاع نفي الشفيع المجاب [1]، سلّمنا لكن لم لا يجوز أن يكون المراد بالظالمين هنا الكفّار جمعاً بين الأدلة؟
الثاني: قوله تعالى: (وما للظّالمينَ مِنْ أنْصار)[2] ولو شفّع ـ عليه السَّلام ـ في الفاسق لكان ناصراً له.
الثالث: قوله تعالى: (ولا تَنفعُها شَفاعةٌ)[3] ، (يوماً لا تَجزي نفسٌ عَنْ نفس شَيئاً)[4](فَما تنفعُهُم شَفاعَةُ الشّافِعين)[5].
والجواب: عن هذه الآيات كلها أنّها مختصة بالكفّار، جمعاً بين الأدلة.
الرابع: قوله تعالى: (ولايَشفَعونَ إلاّ لِمَنِ ارْتَضى)[6] نفى شفاعة الملائكة عن غير المرتضى للّه تعالى، والفاسق غير مرتضى.
والجواب: لا نسلّم أنّ الفاسق غير مرتضى بل هو مرتضى للّه تعالى في إيمانه.
قال: وقيل في إسقاط المضار، والحقُّ صدقُ الشفاعةِ فيهما وثبوت الثاني له ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بقوله:«ادَّخَرْتُ شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي».
أقول: هذا هو المذهب الثاني الذي حكيناه أولاً، وهو أنّ الشفاعة في إسقاط المضارّ، ثم بيّـن المصنف رحمه اللّه أنها تطلق على المعنيين معاً كما يقال: شفّع فلان في فلان إذا طلب له زيادة منافع أو إسقاط مضارّ، وذلك متعارف
[1] المطاع هو الشفيع المفوّض إليه أمر الشفاعة، مع أنّه لا يشفع إلاّ من أذن له الرحمن، والمجاب هو الشفيع المأذون الذي أُجيبت دعوته.
[2] البقرة: 270.
[3] البقرة: 123.
[4] البقرة: 123.
[5] المدثر: 48.
[6] الأنبياء: 28.