ثم بيّـن أن الشفاعة بالمعنى الثاني أعني إسقاط المضارّ ثابتة للنبي بقوله ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : «ادخرت شفاعي لأهل الكبائر من أُمّتي»، وذلك حديث مشهور.
المسألة الحادية عشرة: في وجوب التوبة
قال: والتوبة واجبةٌ لدفعها الضررَ ولوجوب الندمِ على كل قبيح أو إخلال بواجب.
أقول: التوبة هي الندم على المعصية لكونها معصية [1] والعزم على ترك المعاودة في المستقبل لأن ترك العزم يكشف عن نفي الندم، وهي واجبة بالإجماع [2] لكن اختلفوا:
فذهب جماعة من المعتزلة إلى أنّها تجب من الكبائر المعلوم كونها كبائر أو المظنون فيها ذلك ولا يجب من الصغائر المعلوم[3] منها أنّها صغائر.
وقال آخرون: إنّها لا تجب من ذنوب تاب عنها من قبل [4].
وقال آخرون: إنّها تجب من كل صغير وكبير من المعاصي أو الإخلال بالواجب سواء تاب عنها قبل أو لم يتب.
[1] خرج الندم عليها لأجل حفظ مقامه ووجاهته عند الناس، فليست توبة.
[2] عقلاً وسمعاً عند من يقول بالحسن والقبح العقليين، وسمعاً فقط عند من ينكرها.
[3] لكونها مغفورة بترك الكبائر لقوله سبحانه: (انْ تَجتَنبُوا كبائِرَ ما تُنْهَونَ عَنهُ نُكفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) (النساء :31).
[4] الأولى أن يضيف إليه قوله: «ونقض» وإلاّ فعدم الوجوب أوضح من أن يذكر.