بسكون مثله [بكون مثله ]ليس بواجب الوجود. فإذا كان ممكناً كان مسبوقاً بالعدم، على ما سيجيء بيانه.
موجد العالم غير ناهض بذلك، وهناك طريقان آخران لإثبات ذلك:
الأوّل: الطريق العلمي التجربي، وحاصله: أنّه قد ثبت في علم الفيزياء أنّ هناك انتقالاً حرارياً مستمراً من الأجسام الحارة إلى الأجسام الباردة ولاتتحقق في عالم الطبيعة عملية طبيعية متعاكساً لذلك، ومعنى ذلك أنّ الكون يتّجه إلى درجة تتساوى فيها جميع الأجسام، وعند ذلك لن تتحقق عمليات كيميائية أو طبيعية.
والعقل السليم لايتأمّل في استنتاج حدوث الحياة في عالم المادة من هذا القانون العلمي، فظاهرة الحياة في عالم الطبيعة حدثت في مبدأ زماني محدود.
لأنّها لو لم تكن كذلك بل كانت حاصلة في أزمنة غير متناهية لانتفت الحياة وتوقفت المادة عن الحركة منذ زمن بعيد، ولما وجدت الآن أيّة ظاهرة طبيعية وعملية حيويّة في عالمنا هذا، وإلى ما ذكرنا أشار «فرانك آلن» أُستاذ علم الفيزيا، بقوله: «الأصل الثاني من قانون ترموديناميا، أثبت أنّ العالم لايزال يتجه إلى نقطة تتساوى فيها درجة حرارة جميع الأجسام، ولاتوجد هناك طاقة مؤثّرة لعملية الحياة، فلو لم يكن للعالم بداية وكان موجوداً من الأزل لزم أن يقضى للحياة أجلها منذ أمد بعيد، فالشمس المشرقة والنجوم، والأرض المليئة بالظواهر الحيوية وعملياتها، أصدق شاهد على أنّ العالم حدث في زمان معيّـن، فليس العالم إلاّ مخلوقاً حادثاً». [1]
ولقد اعترف بهذا الإنتاج الفيلسوف المادّي «برتراند رسل»، لكنّه ناقش في كبرى الاستدلال وزعم أنّ القول بأنّ هناك إرادة قاهرة ماوراء عالم المادة هي التي أوجدتها، ليس بأولى من القول بحدوثها صدفة وبلا علّة موجودة، فإنّ القولين كليهما ناقضان للقوانين العلمية المشهودة لنا.[2]
ولكنّه زعم باطل نشأ من رأيه الباطل في مجال نظريّة المعرفة، وهو أنّ طريق
[1] «إثبات وجود خدا» (فارسي) يحتوي الكتاب على مقالات من أربعين من المتمهرين في العلوم المختلفة، جمعها العالم المسيحي «جان كلور مونسما». [2] «جهان بينى علمى» (فارسي) : ص114.