وَ حَتَّى مَتَى مَخْضُ هَذَا السِّقَاءِ
وَ لَا بُدَّ أَنْ يُخْرِجَ الزُّبْدَهْ
ثَلَاثَةُ رَهْطٍ هُمُ أَهْلُهَا
وَ إِنْ يَسْكُتُوا تُخْمَدِ الْوَاقِدَهْ
سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ وَ كَبْشُ الْعِرَاقِ
وَ ذَاكَ الْمُسَوَّدُ مِنْ كِنْدَهْ.
نَصْرٌ[1] هَؤُلَاءِ النَّفَرُ الْمُسَمُّونَ فِي الصُّلْحِ قَالَ: فَأَمَّا الْمُسَوَّدُ مِنْ كِنْدَةَ وَ هُوَ الْأَشْعَثُ فَإِنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالسُّكُوتِ بَلْ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ قَوْلًا فِي إِطْفَاءِ الْحَرْبِ وَ الرُّكُونِ إِلَى الْمُوَادَعَةِ وَ أَمَّا كَبْشُ الْعِرَاقِ وَ هُوَ الْأَشْتَرُ فَلَمْ يَكُنْ يَرَى إِلَّا الْحَرْبَ وَ لَكِنَّهُ سَكَتَ عَلَى مَضَضٍ وَ أَمَّا سَعِيدُ بْنَ قَيْسٍ فَتَارَةً هَكَذَا وَ تَارَةً هَكَذَا.
قَالَ: ذَكَرُوا أَنَّ النَّاسَ مَاجُوا وَ قَالُوا: أَكَلَتْنَا الْحَرْبُ وَ قَتَلَتِ الرِّجَالَ وَ قَالَ قَوْمٌ: نُقَاتِلُ الْقَوْمَ عَلَى مَا قَاتَلْنَاهُمْ عَلَيْهِ أَمْسِ وَ لَمْ يَقُلْ هَذَا إِلَّا قَلِيلٌ مِنَ النَّاسِ.
ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ قَوْلِهِمْ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَ ثَارَتِ الْجَمَاعَةُ بِالْمُوَادَعَةِ.
فَقَامَ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: «إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ أَمْرِي مَعَكُمْ عَلَى مَا أُحِبُّ إِلَى أَنْ أَخَذَتْ مِنْكُمُ الْحَرْبُ وَ قَدْ وَ اللَّهِ أَخَذَتْ مِنْكُمْ وَ تَرَكَتْ وَ أَخَذَتْ مِنْ عَدُوِّكُمْ فَلَمْ تَتْرُكْ وَ إِنَّهَا فِيهِمْ أَنْكَى وَ أَنْهَكُ أَلَا إِنِّي كُنْتُ أَمْسِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَصْبَحْتُ الْيَوْمَ مَأْمُوراً وَ كُنْتُ نَاهِياً فَأَصْبَحْتُ مَنْهِيّاً وَ قَدْ أَحْبَبْتُمْ الْبَقَاءَ وَ لَيْسَ لِي أَنْ أَحْمِلَكُمْ عَلَى مَا تَكْرَهُونَ».
ثُمَّ قَعَدَ ثُمَّ تَكَلَّمَ رُؤَسَاءُ القَبَائِلِ فَأَمَّا مِنْ رَبِيعَةَ وَ هِيَ الْجَبْهَةُ الْعُظْمَى فَقَامَ كُرْدُوسُ بْنُ هَانِئٍ الْبَكْرِيُّ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا وَ اللَّهِ مَا تَوَلَّيْنَا مُعَاوِيَةَ مُنْذُ تَبَرَّأْنَا مِنْهُ وَ لَا تَبَرَّأْنَا مِنْ عَلِيٍّ مُنْذُ تَوَلَّيْنَاهُ وَ إِنَّ قَتْلَانَا لَشُهَدَاءُ وَ إِنَّ أَحْيَاءَنَا لَأَبْرَارٌ وَ إِنَّ عَلِيّاً لَعَلَى بَيِّنَةً مِنْ رَبِّهِ مَا أَحْدَثَ إِلَّا الْإِنْصَافَ وَ كُلُّ مُحِقٍّ مُنْصِفٌ فَمَنْ سَلَّمَ لَهُ نَجَا وَ مَنْ خَالَفَهُ هَلَكَ.
[1] في الأصل:« فمحمد».