ثُمَّ قَامَ شَقِيقُ بْنُ ثَوْرٍ الْبَكْرِيُّ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا دَعَوْنَا أَهْلَ الشَّامِ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فَرَدُّوهُ عَلَيْنَا فَقَاتَلْنَاهُمْ عَلَيْهِ وَ إِنَّهُمْ دَعَوْنَا إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ رَدَدْنَاهُ عَلَيْهِمْ حَلَّ لَهُمْ مِنَّا مَا حَلَّ لَنَا مِنْهُمْ وَ لَسْنَا نَخَافُ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَ لَا رَسُولُهُ وَ إِنَّ عَلِيّاً لَيْسَ بِالرَّاجِعِ النَّاكِصِ وَ لَا الشَّاكِّ الْوَاقِفِ وَ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَمْسِ وَ قَدْ أَكَلَتْنَا هَذِهِ الْحَرْبُ وَ لَا نَرَى الْبَقَاءَ إِلَّا فِي الْمُوَادَعَةِ.
ثُمَّ قَامَ حُرَيْثُ بْنُ جَابِرٍ الْبَكْرِيُّ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ عَلِيّاً لَوْ كَانَ خَلَفاً مِنْ هَذَا الْأَمْرِ لَكَانَ الْمَفْزَعُ إِلَيْهِ فَكَيْفَ وَ هُوَ قَائِدُهُ وَ سَائِقُهُ وَ إِنَّهُ وَ اللَّهِ مَا قَبِلَ مِنَ الْقَوْمِ الْيَوْمَ إِلَّا مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ أَمْسِ وَ لَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ كُنْتُمْ لَهُ أَعَنْتَ.
وَ لَا يُلْحِدُ فِي هَذَا الْأَمْرِ إِلَّا رَاجِعٌ عَلَى عَقِبَيْهِ أَوْ مُسْتَدْرَجٌ بِغُرُورٍ فَمَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَ مَنْ طَغَى عَلَيْنَا إِلَّا السَّيْفُ ثُمَّ قَامَ خَالِدُ بْنُ الْمُعَمَّرِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا وَ اللَّهِ مَا اخْتَرْنَا هَذَا الْمَقَامَ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنَّا غَيْرَ أَنَّا جَعَلْنَاهُ ذُخْراً وَ قُلْنَا: أَحَبُّ الْأُمُورِ إِلَيْنَا مَا كُفِينَا مَؤُنَتَهُ[1] فَأَمَّا إِذْ سُبِقْنَا فِي الْمَقَامِ فَإِنَّا لَا نَرَى الْبَقَاءَ إِلَّا فِيمَا دَعَاكَ إِلَيْهِ الْقَوْمُ إِنْ رَأَيْتَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَرَهُ فَرَأْيُكَ أَفْضَلُ.
ثُمَّ إِنَّ الْحُضَيْنَ الرَّبَعِيَّ وَ هُوَ أَصْغَرُ الْقَوْمِ سِنّاً قَامَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بُنِيَ هَذَا الدِّينُ عَلَى التَّسْلِيمِ فَلَا تُوَفِّرُوهُ بِالْقِيَاسِ وَ لَا تَهْدِمُوهُ بِالشَّفَقَةِ فَإِنَّا وَ اللَّهِ لَوْ لَا أَنَّا لَا نَقْبَلُ إِلَّا مَا نَعْرِفُ لَأَصْبَحَ الْحَقُّ فِي أَيْدِينَا قَلِيلًا وَ لَوْ تَرَكْنَا مَا نَهْوَى لَكَانَ الْبَاطِلُ فِي أَيْدِينَا كَثِيراً وَ إِنَّ لَنَا دَاعِياً قَدْ حَمِدْنَا وِرْدَهُ
[1] المئونة، بالضم و سكون الهمزة: لغة في المئونة، بفتح الميم و ضم الهمزة. و استشهد صاحب المصباح لها بقوله:
* أميرنا مئونته خفيفه*
.