وإنما اختص كون
الشيء مسندا إليه بالاسم ، لأن المسند إليه مخبر عنه ، إمّا في الحال أو في الأصل
، كما ذكرنا ، ولا يخبر إلا عن لفظ دال على ذات في نفسه مطابقة ، والفعل لا يدل
على الذات إلا ضمنا والحرف لا يدل على معنى في نفسه ؛ ولهذه العلة : اختص التثنية
والجمع والتأنيث والتصغير والنسبة والنداء بالاسم ، وأما نحو : ضربت وضربا وضربوا
، فالتأنيث والتثنية والجمع فيه راجع إلى الاسم ، وكذا التصغير في نحو قوله :
راجع إلى
المفعول المتعجب منه ، أي : هن مليّحات والتصغير للشفقة نحو : يا بنيّ ، فهو شيء
موضوع غير موضعه ، كما أن التأنيث في ضربت في غير موضعه.
وأما نحو قوله
تعالى : (رَبِّ ارْجِعُونِ)[٢] على تأويل ارجعني. ارجعني. وقول الحجاج [٣] يا حرسيّ اضربا عنقه [٤] ، أي : اضرب ، اضرب ، فليس الأول بجمع والثاني بتثنية ،
إذ التثنية ضم مفرد إلى مثله في اللفظ غيره في المعنى ، والجمع ضم مفرد إلى مثليه
أو أكثر في اللفظ غيره في المعنى ، و : ارجعون ، و : اضربا ، بمعنى التكرير كما
ذكرنا ، والتكرير ضم الشيء إلى مثله في اللفظ مع كونه إياه في المعنى للتأكيد
والتقرير
والغالب فيما
يفيد التأكيد أن يذكر بلفظين فصاعدا ، لكنهم اختصروا في بعض المواضع باجرائه مجرى
المثنى والمجموع لمشابهته لهما من حيث إن التأكيد اللفظي ، أيضا ، ضم شيء
وهي أبيات مختلف في نسبتها فقيل انها للفرجى
ونسبت لذي الرمة ولمجنون بني عامر ، وغيرهم. والاستشهاد به على تصغير فعل التعجب
وقد وجهه الشارح كما أن فيه شاهدا آخر على تصغير اسم الإشارة شذوذا.
[٣] الحجاج بن يوسف
بن أبي عقيل الثقفي. والى العراق من قبل عبد الملك بن مروان ، اشتهر بالقوة في
حكمه حتى ضرب به المثل في ذلك.
[٤] الشاهد فيه أن
الكلام موجّه إلى شخص واحد وهو الحرسيّ أي واحد الحرس وهم الجند الذين حول السلطان
، فقوله : اضربا بصيغة التثنية يراد منها تكرير الفعل لا تكرير الفاعل.