وأما تنوين الترنم
فهو في الحقيقة لترك الترنم ، لأنه إنما يؤتى به اشعارا بترك الترنم عند بني تميم
في رويّ مطلق ، وذلك أن الألف والواو ، والياء في القوافي تصلح للترنم بما فيها من
المدّ ، فيبدل منها التنوين لمناسبته إياها ، إذا قصد الاشعار بترك الترنم لخلو
التنوين من المدّ ، وهذا التنوين يلحق الفعل أيضا والمعرّف باللام ، قال :
ولم يسمع
دخولها الحرف ، ولا يمتنع ذلك في القياس نحو نعمن [٢] ، في القافية.
وقد يلحق عند
بعضهم الرويّ المقيد فيخصّ باسم الغالي ، لأن الغلوّ تجاوز الحدّ ، وحدّ هذا
التنوين أن يكون بدلا من حرف الاطلاق دلالة على ترك الترنم ، فإذا دخل القافية
المقيدة فقد جاوز حدّه ، ويخرج به الشعر عن الوزن ، فهو غال بهذا الوجه أيضا ، وهو
، كقوله :
فيفتح ما قبل
النون تشبيها لها بالخفيفة [٤] ، أو يكسر للساكنين ؛ كما في حينئذ ، على ما يجيء في
آخر الكتاب.
[١] مطلع قصيدة طويلة
لجرير. مما هجا به الفرزدق والراعي النميري وهي إحدى النقائض ومنها البيت المشهور
الذي يقول فيه مخاطبا الراعي :
فغضّ الطرف انك من نمير
فلا كعبا بلغت ولا كلابا
والشاهد فيه إلحاق تنوين الترنم بالفعل
وبالمقرون بأل كما قال الشارح : وإلحاق هذا التنوين إنما يكون عند الإنشاء في بعض
الحالات : وهو وجه من وجوه إنشاد الشعر.
[٢] التمثيل بنعم في
هذا الموضع خطأ ، لأن آخرها ساكن والتمثيل الصحيح يكون بربّ مثلا ، أوليت ، وإنما
يصلح التمثيل بنعم في النوع الذي بعده وهو الغالي.
[٣] البيت ، أول
أرجوزة مشهورة لرؤبة بن العجاج وهي أرجوزة طويلة ومنها بعض الشواهد في هذا الشرح
وبعد هذا الشاهد : «مشتبه الأعلام لماع الخفق». وكان رؤبة وأبوه العجاج من أشهر
الرّجاز. ومن العجب أن له سميّا اسمه رؤبة بن العجاج ، كان هو وأبوه شاعرين أيضا ،
ورؤبة صاحب الشاهد يكنى أبا الجحاف ، أما سميّه فإنه يكنى أبا بيهس.