و قد كان اعترض علي بهذا
الكلام شيخ من مشايخ أهل الحديث و اعتمده فقلت له أول ما في هذا الباب أنك قد
اعترفت بخلاف عائشة للنبي ص و ردها عليه أمره حتى أنكر عليها ذلك و في الاعتراف به
شهادة منك عليها بالمعصية لله عز و علا و لرسوله و هذا أعظم مما تنكرونه على الشيعة
من شهادتهم عليها بالمعصية بعد النبي ص عند محاربتها لأمير المؤمنين ع.
و الثاني أنه لا خلاف أن
النبي ص كان من أحكم الحكماء و أفصح الفصحاء و لم يكن يشبه الشيء بخلافه و يمثله
بضده و إنما كان يضع المثل في موضعه فلا يخرم مما مثله به في معناه شيئا و نحن نعلم
أن صويحبات يوسف إنما عصين الله و خالفنه بأن أرادت كل واحدة منهن من يوسف ع ما
إرادته الأخرى و فتنت به كما فتنت به صاحبتها و بذلك نطق القرآن قال الله جل و علا فَلَمَّا
رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَ قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما
هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي
لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَ لَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَ لَئِنْ
لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَ لَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ[1].
فلو كانت عائشة دفعت
الأمر عن أبيها و لم ترد شرف ذلك المقام له و لم