نام کتاب : الفصول المختارة نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 123
الكلفة بهم و إن أقاموا على الخذلان و اتفقوا على ترك النصرة
لهم و العدول من معونتهم أظهروا من الرأي خلاف ما سلف و قالوا قد كانت الحال موجبة
للقتال و كان عزمنا على ذلك تاما فلما رأينا أشياعنا و عامة أتباعنا يكرهون ذلك
أوجبت الضرورة إعفاءهم عما يكرهون و التدبير لهم بما يؤثرون و هذا أمر قد جرت به
عادة الرؤساء في كل زمان و لم يك تنقلهم من رأي إلى رأي مسقطا لأقدارهم عند
الأنام.
فلا ينكر أن يكون أبو
بكر إنما أظهر التصميم على الحرب لحث القوم على موافقته في ذلك و لم يبد لهم جزعه
لئلا يزيد ذلك في فشلهم و يقوى به رأيهم و اعتمد على أنهم إن ساروا إلى أمره و نفع
هذا التدبير في تمام غرضه فقد بلغ المراد و إن لم ينجع ذلك عدل عن الرأي الأول كما
وصفناه من حال الرؤساء في تدبيراتهم.
على أن أبا بكر لم يقسم
بالله في قتال أهل الردة بنفسه و إنما أقسم في قتالهم بأنصاره الذين اتبعوه على
رأيه و ليس في يمينه بالله لينفذن خالدا و أصحابه ليصلوا بالحرب دليل على شجاعته
في نفسه.
و شيء آخر و هو أن أبا
بكر قال هذا القول عند غضبه لمباينة القوم له و لا خلاف بين ذوي العقول أن الغضبان
قد يعتريه عند غضبه من هيجان الطباع ما يفسد عليه رأيه حتى يقدم من القول على ما
لا يفي به عند سكون نفسه و يعمل من الأعمال ما يندم عليه عند زوال الغضب عنه و لا
يكون في وقوع ذلك منه دليل على فساد عقله و وجوب إخراجه عن جملة أهل التدبير.
و قد صرح الرجل بذلك في
خطبته المشهورة عنه التي لا يختلف فيها اثنان و أصحابه خاصة يقولون بها و يجعلونها
من مفاخره حيث