نام کتاب : الفصول المختارة نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 122
و كيف يعتمد عليه و أنت تعلم أن الإنسان قد يغضب فيقول لو
سامني هذا السلطان لهذا الأمر ما قبلته و أن عندنا لشيخا ضعيف الجسم ظاهر الجبن
يصلي بنا في مسجدنا فلا يحدث أمر يضجره و ينكره إلا قال و الله لأصبرن على هذا أو
لأجاهدن فيه و لو اجتمعت علي ربيعة و مضر. فقال ليس الدلائل على الشجاعة ما ذكرت
دون غيره و الذي اعتمدنا عليه يدل كما يدل العقل و الخبر و وجه الدلالة منه أن أبا
بكر باتفاق لم يكن مئوف العقل و لا غبيا و لا ناقصا بل كان بالإجماع من العقلاء و
كان بالاتفاق جيد الآراء فلو لا أنه كان واثقا من نفسه عالما بصبره و شجاعته لما
قال هذا القول بحضرة المهاجرين و الأنصار و هو لا يأمن أن يقوم القوم على خلافه
فيخذلونه و يتأخرون عنه و يعجز هو لجبنه أن لو كان الأمر على ما ادعيتموه عليه
فيظهر منه الخلف في قوله و ليس يقع هذا من عاقل حكيم فلما ثبتت حكمة أبي بكر دل
مقاله الذي حكيناه على شجاعته كما وصفناه.
فقال له الشيخ أدام الله
عزه ليس تسليمنا لعقل أبي بكر و جودة رأيه تسليما لما ادعيت من شجاعته كما رويت
عنه من القول و لا يوجب ذلك في عرف و لا عقل و لا سنة و لا كتاب و ذلك أنه لو كان
على ما ذكرت من الحكمة فليس بممتنع أن يأتي بهذا القول مع جبنه و خوفه و هلعه
ليشجع أصحابه و يحض المتأخرين عنه على نصرته و يحثهم على جهاد عدوه و يقوى عزمهم
على معونته و يصرفهم عن رأيهم في خذلانه.
و هكذا يصنع الحكماء في
تدبيراتهم فيظهرون من الصبر ما ليس عندهم و من الشجاعة ما ليس في طبائعهم حتى
يمتحنوا الأمر و ينظروا عواقبه فإن استجاب المتأخرون عنهم و نصرهم الخاذلون لهم
وكلوا الحرب إليهم و علقوا
نام کتاب : الفصول المختارة نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 122