نام کتاب : الفصول المختارة نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 121
فقال له الشيخ أيده الله ما أنكرت على من قال لك إنك لم تلجأ
إلى معتمد عليه في هذا الباب و ذلك أن الشجاعة لا تعرف بالحس لصاحبها فقط و لا
بادعائها و إنما هي شيء في الطبع يمده الاكتساب و الطريق إليها أحد الأمرين إما
الخبر عنها من جهة علام الغيوب المطلع على الضمائر فيعلم خلقه حال الشجاع و إن لم
يبد منه فعل يستدل به عليها و الوجه الآخر أن يظهر منه أفعال يعلم بها حاله
كمبارزة الأقران و مقاومة الشجعان و منازلة الأبطال و الصبر عند اللقاء و ترك
الفرار عند تحقق القتال و لا يعلم ذلك أيضا بأول وهلة و لا بواحدة من الفعل حتى
يتكرر ذلك على حد يتميز به صاحبه ممن حصل له ذلك اتفاقا أو على سبيل الهوج و الجهل
بالتدبير.
و إذا كان الخبر من الله
سبحانه و تعالى بشجاعة أبي بكر معدوما و كان هذا الفعل الدال على الشجاعة غير
موجود للرجل فكيف يجوز لعاقل أن يدعي له الشجاعة بقول قاله هو ليس من دلالتها في
شيء عند أحد من أهل النظر و التحصيل لا سيما و دلائل جبنه و هلعه و خوفه و ضعفه
أظهر من أن يحتاج فيها إلى التأمل.
و ذلك أنه لم يبارز قط
قرنا و لا قاوم بطلا و لا سفك بيده دما و قد شهد مع رسول الله ص مشاهده فكان لكل
واحد من الصحابة أثر في الجهاد إلا له و فر في يوم أحد و انهزم في يوم خيبر و ولى
الدبر يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ و أسلم رسول الله ص في هذه المواطن مع ما
كتب الله تعالى عليه الجهاد فكيف تجتمع دلائل الجبن و دلائل الشجاعة لرجل واحد في
وقت واحد لو لا أن العصبية تميل بالعبد إلى الهوى.
و قال له رجل من طياب
الشيعة و كان حاضرا عافاك الله أي دليل هذا
نام کتاب : الفصول المختارة نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 121