فجعلت انظر اليها ما بين المنكب الى راسه، فقال لي: اما شبعت اما شبعت؟ قالت: فجعلت اقول: لا، لانظر منزلتي عنده اذ طلع عمر قالت:
فانفض الناس عنها قالت: فقال رسول اللّه (ص): اني لانظر الى شياطين الجن والانس قد فروا من عمر قالت: فرجعت[1].
وقد عرفت ايها القارئ ان هذه الرواية المزيفة والمختلقة تشير الى نقطتين:
الاولى: اختبار رسول اللّه (ص) في ان كم لعائشة من منزلة واحترام عنده، وقدصرحت الرواية:
كلما كان يقول النبي (ص): اما شبعت من مشاهدة الحبشية ورقصهن؟ تقول: لامتحنه واعرف منزلتي عنده.
الثانية: اختلاق فضيلة للخليفة عمر بن الخطاب الذي فر منه الناس وتفرقوا لماراوه قادما، حتى ان النبي يشيد بهذه الفضيلة تكريما لعمر يقول: اني لانظر الى شياطين الجن والانس قد فروا من عمر.
3 ـ اختلاق الفضائل للخلفا:
العامل الثالث لوضع هذه الافتراءات السخيفة على النبي (ص)، وخلق هذه الخزعبلات، هو خلق فضائل للخلفاء واظهارهم بانهم الافضل.
ولتوضيح هذا نقول: لقد مر عليك في الجز الاول من كتابنا[2] ان معاوية بن ابي سفيان لما تسلط على الحكم ودامت خلافته عشرون عاما ولم يكن هناك منازع له في الحكم، اسس لجنة وكلفها وضع الاحاديث لصالح الخلفا، وامر ولاته وعماله في اقصى البلاد الى اقصاها ان يقرؤوها على الناس في خطب صلاة الجمعة وينشروها بينهم.
ولم يدع معاوية في هذا المجال ذريعة الا استفاد منها، واستفرغ كل ما كان في وسعه من فكر وقوى في تحقيق هذه الامنية، حتى ان مرتزقته وعملاه لم يهنوا لحظة من مساعدته في ذلك، فاختلقوا فضائل للخلفاء حتى ولو كانت هذه الفضائل المزيفة تودي الى الاهانة بالرسول (ص) وتحجيم منزلته.
[1] سنن الترمذي 5: 580 كتاب المناقب باب «18» باب مناقب عمر بن الخطاب ح3691.