استعرضنا في النوع الأول العناصر الأصولية المشتركة في الاستنباط التي تتمثل في أَدلة محرزة، فدرسنا أَقسام الأدلة و خصائصها و ميزنا بين الحجة منها و غيرها.
و نريد الآن أَن ندرس العناصر المشتركة في حالة أُخرى من الاستنباط، و هي حالة عدم حصول الفقيه على دليل يدلُّ على الحكم الشرعي و بقاء الحكم مجهولاً لديه، فيتجه البحث في هذه الحالة إلى محاولة تحديد الموقف العملي تجاه ذلك الحكم المجهول بدلاً عن اكتشاف نفس الحكم.
و مثال ذلك: حالة الفقيه تجاه التدخين، فإن التدخين نحتمل حرمته شرعاً منذ البدء، و نتجه أَولاً إلى محاولة الحصول على دليل يعيّن حكمه الشرعي، فحيث لا نجد نتساءل ما هو الموقف العملي الّذي يتحتم علينا أَن نسلكه تجاه ذلك الحكم المجهول، و هل يتحتم علينا أَن نحتاط أَولاً؟
و هذا هو السؤال الأساسي الّذي يعالجه الفقيه في هذه الحالة،