المتكلم و تدعو إلى تصديقنا بها لا إلى مجرد التصوّر الساذج.
و هكذا نعرف أن الجملة التامّة لها- إضافة إلى مدلولها التصوري اللغوي- مدلولان تصديقيان:
أحدهما: الإرادة الاستعمالية، إذ نعرف عن طريق صدور الجملة من المتكلم الواعي أنه يريد منّا أن نتصوّر معاني كلماتها.
و الآخر: الإرادة الجدّية، و هي الغرض الأساسي الذي من أجله أراد المتكلّم أن نتصور تلك المعاني.
و أحيانا تتجرّد الجملة عن المدلول التصديقي الثاني، و ذلك إذا صدرت من المتكلم في حالة الهزل لا في حالة الجد، و إذا لم يكن يستهدف منها إلّا مجرد ايجاد تصورات في ذهن السامع لمعاني كلماتها (1)، فلا توجد في هذه الحالة إرادة جدّية بل إرادة استعمالية فقط.
و الدلالة التصديقية ليست لغوية، أي انها لا تعبّر عن علاقة ناشئة عن الوضع بين اللفظ و المدلول التصديقي، لأن الوضع إنما يوجد علاقة بين تصور اللفظ و تصور المعنى اللغوي فقط لا بين اللفظ و المدلول التصديقي، و إنما تنشأ الدلالة التصديقية من حال المتكلم، فإن الانسان إذا كان في حالة وعي و انتباه و جدّية و قال:
«الحقّ منتصر» يدل حاله على أنه لم يقل هذه الجملة ساهيا و لا هازلا و إنما قالها بإرادة معيّنة واعية.