هذا مستحيل بحكم العقل، لأن القطع لا تنفك عنه المعذريّة و المنجزيّة بحال من الأحوال، و هذا معنى القاعدة الأصولية القائلة باستحالة صدور الردع من الشارع عن القطع.
و قد تقول: هذا المبدأ الأصولي يعني أن العبد إذا تورّط في عقيدة خاطئة فقطع مثلا بأنّ شرب الخمر حلال، فليس للمولى أن ينبهه على خطئه.
و الجواب: ان المولى بامكانه التنبيه على الخطأ و إخبار العبد بأنّ الخمر ليس مباحا، لأن ذلك يزيل القطع من نفس العبد و يردّه إلى الصواب، و المبدأ الأصولي الآنف الذكر إنما يقرّر استحالة صدور الردع من المولى عن العمل بالقطع مع بقاء القطع ثابتا، فالقاطع بحلّية شرب الخمر يمكن للمولى أن يزيل قطعه، و لكن من المستحيل أن يردعه عن العمل بقطعه و يعاقبه على ذلك ما دام قطعه ثابتا و يقينه بالحلّية قائما (1).
(1) لا شك أنك لاحظت الإطالة و التكرار كثيرا في هذا البحث و هو متعمّد من سيدنا الشهيد ; و ذلك ليرد على جماعة من علمائنا يسمّون بالاخباريين ممّن يقولون بعدم حجّية القطع الناشئ من العقل و حجّيته في خصوص ما كان ناشئا من الكتاب و السّنّة. و أيّدوا مقالتهم هذه بالروايات القائلة «إنّ دين اللّه لا يصاب بالعقول» و «ما أبعد دين اللّه عن عقول الرجال»، (مع) أنه ليس نظر الروايات إلّا إلى علماء السنّة ممّن يعملون بالرأي و الاجتهاد في مقابل أحاديث أهل البيت :.