ثم اتسع معنى الاجتهاد بعد ذلك فأصبح يشمل عملية استنباط الحكم من ظاهر النص أيضا، لأن الأصوليين بعد هذا لاحظوا- بحق- أن عملية استنباط الحكم من ظاهر النص تستبطن كثيرا من الجهد العلمي في سبيل معرفة الظهور و تحديده و إثبات حجية الظهور العرفي.
و لم يقف توسع الاجتهاد كمصطلح عند هذا الحد، بل شمل (1) في تطور حديث عملية الاستنباط بكل ألوانها، فدخلت في الاجتهاد كل عملية يمارسها الفقيه لتحديد الموقف العملي تجاه الشريعة عن طريق إقامة الدليل على الحكم الشرعي أو على تعيين الموقف العملي مباشرة.
و هكذا أصبح الاجتهاد يرادف عملية الاستنباط، و بالتالي أصبح علم الأصول العلم الضروري للاجتهاد لأنه العلم بالعناصر المشتركة في عملية الاستنباط (2).
(2) و خلاصة كل البحث أن الاجتهاد عند أهل السنّة يعني العمل بالظن في مقابل نصوص أهل البيت، و الاجتهاد عند الشيعة يعني عملية الاستنباط بالكيفية التي علّمنا إياها أئمتنا :، و العناصر المشتركة التي نستخدمها في عملية الاستنباط- كحجّية خبر الثقة و البراءة و الاستصحاب- أئمتنا علّمونا إياها، فهم قالوا بحجّية خبر الثقة و هم قالوا رفع عن أمتي ما لا يعلمون و هم قالوا لا تنقض اليقين بالشك، و علماؤنا المجتهدون إنما يطبّقون تعاليم أئمتنا لا غير.