شرحناه سابقا من أن الحكم الشرعي يتوقف [فعلية] وجوده على وجود موضوعه. فكل مقدّمة دخيلة في تحقق موضوع الحكم يتوقف عليها [فعلية] الحكم و لا يوجد بدونها، خلافا للمقدّمات التي لا تدخل في تكوين الموضوع و إنما يتوقف عليها وجود المتعلق فحسب، فإن الحكم يوجد قبل وجودها لأنها لا تدخل في موضوعه.
و لنوضّح ذلك في مثال الاستطاعة و الوضوء: فالاستطاعة مقدّمة تتوقف عليها [فعلية وجوب] حجّة الاسلام، و التكسب مقدّمة للاستطاعة، و ذهاب الشخص إلى محلّه في السوق مقدّمة للتكسب، و حيث إن الاستطاعة تدخل في تكوين موضوع وجوب الحج فلا وجوب للحج قبل الاستطاعة و قبل تلك الأمور التي تتوقف عليها الاستطاعة.
و أمّا الوضوء فلا يدخل في تكوين موضوع وجوب الصلاة، لأن وجوب الصلاة لا ينتظر أن يتوضّأ الانسان لكي يتجه إليه، بل يتجه إليه قبل ذلك، و إنّما يتوقف متعلق الوجوب- أي الصلاة- على الوضوء، و يتوقف الوضوء على تحضير الماء الكافي، و يتوقف تحضير هذا الماء على فتح خزّان الماء مثلا.
فهناك إذن سلسلتان من المقدّمات:
(الأولى) سلسلة مقدّمات المتعلق أي الوضوء الذي تتوقف عليه الصلاة و تحضير الماء الذي يتوقف عليه الوضوء و فتح الخزان الذي يتوقف عليه تحضير الماء.