الاعتيادية نحسّ بالفرق بينهما، فأنت حين تتحدّث عن بيعك للكتاب بالأمس و تقول: «بعت الكتاب بدينار» ترى أن الجملة تختلف بصورة أساسية عنها حين تريد أن تعقد الصفقة مع المشتري فعلا فتقول له:
«بعت الكتاب بدينار». و بالرغم من أن الجملة في كلتا الحالتين تدلّ على نسبة تامّة بين البيع و البائع (1)- أي بينك و بين البيع- يختلف فهمنا للجملة و تصورنا للنسبة في الحالة الأولى عن فهمنا للجملة و تصورنا للنسبة في الحالة الثانية، فالمتكلم حين يقول في حالة الاخبار: «بعت الكتاب بدينار» يتصور النسبة بما هي حقيقة واقعة لا يملك من أمرها فعلا شيئا إلّا أن يخبر عنها إذا أراد، و أما حين يقول في حالة البيع «بعت الكتاب بدينار» فهو يتصور النسبة لا بما هي حقيقة واقعة مفروغ عنها بل يتصوّرها بوصفها نسبة يراد تحقيقها.
و نستخلص من ذلك: أن الجملة الخبرية موضوعة للنسبة التامّة منظورا اليها بما هي حقيقة واقعة و شيء مفروغ عنه، و الجملة الانشائية موضوعة للنسبة التامّة منظورا اليها بما هي نسبة يراد تحقيقها.
و هناك من يذهب من العلماء- كصاحب الكفاية ;- إلى أن النسبة التي تدل عليها «بعت» في حال الاخبار و «بعت» في حال الانشاء واحدة (2)، و لا يوجد أيّ فرق في مرحلة المدلول التصوري