بجناح همتك إلى وكرك القدسي النوراني، و ارتفع عن حضيض الجهل و النقصان إلى أوج العزة و العرفان، و خلص نفسك عن مضيق سجن الناسوت و سيرها في فضاء قدس اللاهوت، فما بالك نسيت عهود الحمى و رضيت بمصاحبة من لا ثبات له و لا وفاء؟!
زد سحر طائر قدسم ز سر سدره صفير # كه در اين دامگه حادثه آرام مگير [1]
(الرابع) صعوبة قطع علاقته من الأولاد و الأموال و المناصب و الأحباب
و معلوم أن هذا ليس خوفا من الموت في نفسه، بل هو حزن على مفارقة بعض الزخارف الفانية. و علاجه: أن يتذكر أن الأمور الفانية مما لا يليق بالعاقل أن يرتبط بها قلبه، و كيف يحب العاقل خسائس عالم الطبيعة و يطمئن إليها مع علمه بأنه عن قريب يفارقها، فاللازم أن يخرج حب الدنيا و أهلها عن قلبه ليتخلص من هذا الألم.
(1) -
(الخامس) تصور سرور الأعداء و شماتتهم بموته.
و هذا وسوسة شيطانية صادرة عن محض التوهم، إذ مسرة الأعداء أو شماتتهم لا توجب ضررا في
[1] هذا البيت للشاعر الفارسي الفيلسوف الشهير (حافظ الشيرازي) و هو من أبيات العرفان. و أراد (بالسحر) على سبيل الرمز وقت استكمال النفس و تنبهها، و (بالطائر القدسي) ما يرمز إليه العرفا المسمى عندهم أيضا (البيضاني) ، و هو أحد العقول المجردة الذي بصفيره يوقظ الراقدين في مراقد الظلمات، و بصوته ينبه الغافلين عن تذكر الآيات، و (بالسدرة) سدرة المنتهى المقصود منها منتهى قوس الصعود في سلسلة الممكنات.
و حاصل معنى البيت المطابقى: قد صفر الطائر القدسي المنسوب إلى من على السدرة في السحر، و يقول في صفيره: لا تستقر في المصيدة المخيفة (و هي الدنيا و عوالم السفليات) ، و المراد أن يذهب عنها إلى عالم المجردات النوراني حرا طليقا.