(الثاني) تصور إيجابه ألما جسمانيا عظيما لا يتحمل مثله و لم يدرك في الحياة شبهه.
و هذا أيضا من الخيالات الفاسدة، فإن الألم فرع الحياة، و الألم الجسماني ما دامت الحياة لا يكون أشد مما رآه كل إنسان في حياته من الأوجاع و قطع الاتصال، و بعد زوال الحياة لا معنى لوجوده، إذ كل جسماني إدراكه بواسطة الحياة، و بعد انقطاعها لا إدراك، فلا ألم.
(الثالث) تصور عروض نقصان لأجله.
و هو أيضا غفلة عن حقيقة الموت و الإنسان، إذ من علم حقيقتهما يعلم أن الموت متمم الإنسانية و آثارها و المائت جزء لحد الإنسان. و لذا قال أوائل الحكماء: (الإنسان حي ناطق مائت) ، و حد الشيء يوجب كماله لا نقصانه، فبالموت تحصل التمامية دون النقصان «نشنيدهاى كه هر كه بمرد أو تمام شد» [1] فالإنسان الكامل يشتاق إلى الموت، لاقتضائه تماميته و كماله، و خروجه عن ظلمة الطبيعة و مجاورة الأشرار إلى عالم الأنوار و مرافقة الأخيار من العقول القادسه و النفوس الطاهرة، و أي عاقل لا يرجح الحياة العقلية و الابتهاجات الحقيقية على الحياة الموحشة الهيولانية، المشوبة بأنواع الآلام و المصائب و أصناف الأسقام و النوائب! فيا حبيبي!تيقظ من نوم الغفلة و سكر الطبيعة، و استمع النصيحة ممن هو أحوج منك إلى النصيحة: حرك الشوق الكامن في جوهر ذاتك إلى عالمك الحقيقي و مقرك الأصلي، و انسلخ عن القشورات الهيولانية، و انقض عن روحك القدسي ما لزقه من الكدورات الجسمانية، و طهر نفسك الزكية عن أدناس دار الغرور و أرجاس عالم الزور، و اكسر قفصك الترابي الظلماني و طر
[1] هذه الجملة من الكلمات الحكمية القصار، و معناها: (أ ما سمعت بأن كل من مات صار إنسانا كاملا) .