و قال محمد بن الحنفية [1] : يا أخي أنت أحب الناس إليّ و أعزهم علي و لست أدخر النصيحة لأحد من الخلق إلا لك و أنت أحق بها تنح ببيعتك عن يزيد بن معاوية و عن الأمصار ما استطعت ثم ابعث برسلك إلى الناس فإن بايعوك حمدت اللّه على ذلك و إن اجتمعوا على غيرك لم ينقص اللّه بذلك دينك و لا عقلك و لم تذهب مروءتك و لا فضلك و إني أخاف عليك أن تدخل مصرا من هذه الأمصار فيختلف الناس بينهم فطائفة معك و أخرى عليك فيقتتلون فتكون لأول الأسنة غرضا فإذا خير هذه الأمة كلها نفسا و أبا و أما أضيعها دما و أذلها أهلا.
فقال الحسين 7 فأين اذهب؟قال: تنزل مكة فإن اطمأنت بك الدار و إلا لحقت بالرمال و شعب الجبال و خرجت من بلد إلى آخر حتى تنظر ما يصير إليه أمر الناس فإنك أصوب ما تكون رأيا و احزمه عملا حتى تستقبل الأمور استقبالا و لا تكون الأمور أبدا اشكل عليك منها حين تستدبرها استدبارا [2] .
فقال الحسين 7: يا أخي لو لم يكن في الدنيا ملجأ و لا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية.
فقطع محمد كلامه بالبكاء.
فقال الحسين 7: يا أخي جزاك اللّه خيرا لقد نصحت و اشرت بالصواب و أنا عازم على الخروج إلى مكة و قد تهيأت لذلك أنا و إخوتي و بنو أخي و شيعتي أمرهم أمري و رأيهم رأيي. و أما أنت فلا عليك أن تقيم بالمدينة فتكون لي عينا
[1] ذكرنا في كتابنا «قمر بني هاشم» ص 104 أن له يوم البصرة عشرين سنة فهو أكبر من العباس بعشر سنين و كانت راية أمير المؤمنين معه في الجمل و النهروان و ذكرنا في كتابنا «زين العابدين» ص 316 بعض أحواله. و في مقتل الخوارزمي ج 2 ص 79 كتاب يزيد إلى ابن الحنفية بعد قتل الحسين و حضوره عنده!و هذا مما يحط من مقامه، و إني اقطع بالافتعال عليه لأنه لا يعقل صدوره من غيور موتور.