و ان كان بينهما التفاوت بالمرتبة و الشدة و الضعف عقلا إلّا انهما متباينان عرفا فلا مجال للاستصحاب إذا شك في تبدل أحدهما بالآخر فان حكم العرف و نظره يكون متبعا في هذا الباب
الفصل التاسع [الواجب التخييري]
إذا تعلق الأمر بأحد الشيئين أو الأشياء ففي وجوب كل واحد على التخيير السواد فوضع في الشمس مثلا و علم بعدم بقائه على السواد الضعيف بل إما زال سواده بالمرة أو اشتد سواده فانه يستصحب بقاء سواده في الجملة أو كان الثوب شديد السواد فغسل بالماء و علم بعدم بقائه على سواده القوي بل إما زال بالمرة أو بقي له سواد ضعيف فان الاستصحاب يجري في السواد أيضا لصدق الشك في البقاء عرفا (أقول): بل الظاهر صدقه حقيقة و دقة لأن الضعيف لا يباين القوي وجودا بل هو من مراتبه و إنما يباينه حداً و مثله لا يمنع من صدق الشك في البقاء حقيقة فلا ينبغي عد هذا من القسم الثالث و إن صدر من كثير من الأعاظم (1) (قوله:
و ان كان بينهما التفاوت) قد عرفت فيما سبق أنهما أيضا متباينان (2) (قوله: فلا مجال للاستصحاب) (أقول): يكفي في إثبات الجواز استصحاب الرضا بالفعل الثابت حال وجوبه إذ لو ثبت الرضا به بعد ارتفاع الوجوب لا يكون وجودا آخر للرضا بل يكون الرضا الأول باقيا و إذا ثبت الرضا به- و لو بالاستصحاب- كان جائزاً عقلا لأن الأحكام التكليفية إنما تكون موضوعا للعمل في نظر العقل بمناط حكايتها عن الإرادة و الكراهة و الرضا لا بما هي هي و يكفي في إثبات الاستحباب استصحاب نفس الإرادة النفسانيّة إذ مجرد رفع الوجوب لا يدل على ارتفاعها و إذا ثبتت الإرادة المذكورة ثبت الاستحباب لأنه يكفى فيه الإرادة للفعل مع الترخيص في الترك الثابت قطعاً بنسخ الوجوب