و مراده من البيان المذكور: بيان انقلاب مادّة الإمكان الى الضرورة الذي تمسّك به الشريف لإبطال أخذ مصداق الشيء في معنى المشتقّ، يعني أنّ هذا البيان بعينه يجري لإبطال الاحتمال الأوّل، أعني أخذ مفهوم الشيء في معنى المشتقّ أيضا، و ذلك بان يقال: لا ريب في أنّ المادة في قضية «كلّ إنسان كاتب أو ضاحك» هي الإمكان، و لو أخذ مفهوم الشيء في معنى المشتقّ انقلبت ضرورة؛ لأنّه كما أنّ ثبوت الشيء لنفسه ضروريّ فهكذا لحوق مفهوم الشيء أو الذات لمصاديقه ضروري، فكما أنّ ضرورية قضية «الإنسان إنسان» أوجبت انقلاب مادة الإمكان في قضية «الإنسان إنسان له الكتابة» فهكذا ضرورية قضية «الإنسان شيء أو ذات» توجب انقلابها في قضية «الإنسان ذات أو شيء له الكتابة». و هذا بيان متين و مجادلة بالتي هي أحسن.
و عليه فالإيراد عليه- كما في الكفاية- «بأنّ لحوق مفهوم الذات و الشيء لمصاديقهما إنّما يكون ضروريا مع إطلاقهما لا مع التقيد» [1] رجوع الى نفس الجواب الذي أجاب به الفصول عن البيان المذكور، و ليس غرض الفصول متانة البيان المذكور، بل إنّما غرضه جريان ذاك البيان لإبطال الوجه الأول أيضا، و إلّا فهو نفسه (قدّس سرّه) قد رد ذاك البيان، و إن تنظّر فيه بما قد مرّ الكلام فيه.
و كيف كان فقد عرفت اختلال بنيان استدلال الشريف، فإنّ غايته أنّه استدلال بفهم أصحاب المنطق من هيئة المشتقّات، و ليس فيه حجّة لو فرض قيام أدلّة تعيين المعاني الحقيقية على خلافه.
الأمر الثالث: في الفرق بين المشتقّ و مبدئه:
قد يقال: إنّ الفرق بين المشتقّ و مبدئه إنّما هو في مجرّد أنّ اللفظ الموضوع للمبدا اخذ معناه بشرط لا عن الحمل، و المشتقّ معناه لا بشرط عنه، و إلّا فحقيقة المعنى في كلا اللفظين هو مجرّد الحدث.