فهذا هو الذي صرّح به العلّامة الدوانيّ في بعض حواشيه، كما حكاه عنه بالتفصيل بعض أعيان المحقّقين في تعليقته الشريفة «نهاية الدراية» بعبارة واضحة الدلالة لا تقبل التأويل [1].
و لمكان وضوح بطلان هذه الدعوى على المبنى المشهور و على المرتكز العقلائي فإنّ كلّا من المقولات التسع العرضية عارضة على الجواهر، و موجودات غيرها، و إن اتّصفت الجواهر بها، فألفاظ المبادئ حاكية عن هذه الأعراض المباينة في الوجود مع وجود الجواهر، و لا يمكن اتّحاد هذه الأعراض مع الجواهر وجودا، و لو اخذت لا بشرط ألف مرّة، و ما لم يكن اتّحاد في الوجود لم يصحّ الحمل، و هذا بخلاف المشتقات فإنّ مفهومها عناوين منتزعة عن الذوات بلحاظ اتّصافها بتلك الأعراض، و لذا كانت صادقة عليها. و هكذا الأمر في مرتكز العرف، فالحرارة و الجلوس عندهم صفة زائدة على ذات الحارّ و الجالس غير نفس الجالس و الحارّ، و مفهوم المشتقّ كالحارّ و الجالس منتزع عن الذوات متّحد بها محمول عليها.
بل و هكذا الأمر في المفاهيم الانتزاعية التي من قبيل لوازم الذات كالإمكان، أو من قبيل الأعراض المفارقة كالشرطية و المشروطية فإنّ المفهوم من الإمكان أو الاشتراط معنى لا يمكن اتّحاده بالممكن و الشرط أو المشروط.
و بالجملة: فالألفاظ الموضوعة للمبادئ: معناها نفس المبادئ و المعاني الحديثة و ما اليها، و هي مباينة للذوات بخلاف المشتقات، و لوضوح بطلان دعوى الخلاف حمل الكفاية كلام المخالفين بما ينطبق على ما هو الحقّ الصراح.
و كيف كان فما أفاده الكفاية و غيره من المشايخ العظام أمر واضح لا شبهة فيه، إلّا أنّه ينبغي التنبّه لأمرين:
أحدهما: أنّ الذات الواجبة لمّا كانت متّحدة مع مبادئ الصفات الذاتية، و كانت هذه الصفات عين الذات لا زائدة عليها، فلذا صحّ فيها حمل هذه المبادئ