لو تركه فهل عليه عقاب أم لا؟ لضعف الدليل، فيرجع في ذلك إلى الأصل و هذا المقدار هو المستحب. فإن قلت: إذا نفي العقاب عن الترك بالأصل، فقد نفي الوجوب الذي هو مقتضى كون الجنس [1] لا بقاء له مع ذهاب الفصل، و بلوغ ثواب آخر لرجحان في غير جهة الوجوب غير متحقق، فإن أردت بلوغ ثواب في ضمن الوجوب فقد نفيته بالأصل، و إن أردت ثوابا آخر فلم يبلغ. قلت: لا أريد إثبات الرجحان الناشئ عن دليل الوجوب حتى تقول: إن الفصل إذا زال زال الجنس، بل الغرض: إثبات رجحان من أدلة المسامحة، بمعنى: أن عدم العمل بدليل الوجوب و الخلود إلى الأصل لضعف الدليل لا يخرج الشيء المشكوك من عنوان أنه مما بلغ على فعله ثواب، فإن عدم العمل غير صدق ذلك المفهوم، و لا تلازم بينهما، فإنا و إن نفينا الوجوب، لكن يصدق على هذا المشكوك أنه بلغ فيه ثواب، فيدل أخبار المسامحة على أن الإتيان به محصل للثواب و إن خالف الخبر الواقع، و لا نعني بالمندوب إلا ما حصل ثواب بفعله و لم يثبت عقاب على تركه، فتأمل في المقام فإنه مزلقة للإقدام.
و رابعها: دوران الأمر بين الإباحة و التحريم
بصورها الخمسة. و فيه القولان، أقواهما: القول بالكراهة للمسامحة، و الكلام فيه بعينه كالكلام في الثالث في تحرير الاستدلال و النقض و الحل، و عليك بالتأمل التام و تطبيق المقام، فإنه لا يخلو عن نوع دقة و غموض.
و خامسها: دوران الأمر بين الوجوب و التحريم
بصورها الخمسة [2]. و ليس هذا من موارد التسامح، لتعارض الأدلة من الجانبين و عدم الترجيح في البين. و لا يمكن الحكم بالكراهة و الندب معا، لقضية التضاد.