يصدق عليه أنه مما لم يرد فيه أمر و لا نهي أو مما لا يعلم، فيجري فيه الأصل و يخرج عن الأشكال، فلا وجه للقرعة، و فرق واضح بين كون الحكم معلقا على (المشكل) أو على (كونه مما لا يعلم) و نحو ذلك، و ذلك واضح عند من له دربة [1] في فهم العناوين و تبعية الأحكام للأسماء و الموضوعات. و ثالثها: أن الظاهر من قوله: (كل أمر مشتبه [2]: إرادة الموضوع دون الحكم، فلا يشمل الشبهة في نفس الحكم الشرعي و إن كان لفظ (الأمر) أعم، إلا أن في انصرافه في ذلك المقام إليه تأملا ظاهرا، فتأمل.
و رابعها: أن غاية ما يقال: ورود طريقين في بيان الحكم المشتبه، و لا ريب أن العمل بالبراءة أوفق بالشريعة السهلة السمحة. و لو فرض في العمل بالأصل لزوم تكليف كما يتفق في الاستصحاب و قاعدة الشغل فنقول: قيام الإجماع على ذلك كما ذكرناه يرجح كون الطريق الأصل، لا القرعة. و بالجملة: فالمقام أوضح من أن يحتاج إلى النقض و الإبرام، فالاشتغال بالأهم أولى. و أما شبهة الموضوع المستنبط، بمعنى: الإجمال في مؤدى اللفظ، فهو أيضا ليس داخلا تحت (الأمر المشتبه) الذي هو مورد القرعة، لأن لمعرفتها طرقا مقررة من الرجوع إلى العرف أو اللغة و إلى الأمارات، و في مقام التعارض إلى الى القرعة فنحن أيضا كذلك جريا في ذلك على طريقة لسان القوم في معرفة معاني الألفاظ و لا يبقى فيه بعد ملاحظة الأصول المعمولة في مباحث الألفاظ