منهما كما لا يخفى على المتأمل، إذ من سرق أو غصب أو أتلف عشرة دراهم من مال شخص ثم دفع عوضه من ماله لا يعد هذا ضررا بالنسبة إلى الدافع، و يرتفع به ضرر المتضرر أولا يقع البحث في أنه لو كان لدفع الضرر طرق متعددة. و أنت إذا راجعت ما أحصينا لك من موارد القاعدة تجد أن طائفة كثيرة من الأحكام منعنا ثبوتها في الشرع، لاستلزامها الضرر، و هو منفي، و هذا مما لا كلام فيه. و طائفة اخرى بعد ثبوت ما هو ضرر مثلا من آحاد المكلفين في الموضوعات حكمنا بلزوم رفع الضرر حتى يرتفع، لظاهر القاعدة. و هذا القسم له أقسام: قسم ينحصر طريقه في واحد، بمعنى: أنه لا يمكن ارتفاع هذا الضرر إلا بهذا الطريق كفسخ نكاح العنين، فإن الضرر الوارد على الزوجة من الحرمان عن لذة الوقاع و مصادمة مقتضى الطبيعة و انقطاع النسل و الأولاد لا يندفع إلا برفع يد الزوج عنها [1]. و نظائر ذلك أيضا في الفروع السابقة كثيرة، فراجع. و قسم لا ينحصر طريقه في واحد، لكن الشارع عين له طريقا، كما في ضمان الجراحات بالدية، و ضمان العيب بالأرش، و المال بالمثل و القيمة لو قلنا باستفادته من دليل الضمان، كما يأتي في محله و إلا فهو داخل في القسم الأول، لانحصار الطريق عرفا فيهما، و هذا أيضا لا إشكال فيه، إذ بعد تعيين الشارع كيفية رفع الضرر فلا بحث لنا في ذلك. و لو أردنا الكلام في أسرار ما اختاره الشارع و دقائقه فمع أنه خارج عن وظيفة الفقه من حيث هو كذلك يحتاج إلى بسط لا مجال لنا فيه. و قسم لم يعين من الشارع طريق فيه، و لكن الفقهاء حكموا فيه بالطريق، و لا دليل لهم غير القاعدة، و من هذا القبيل أغلب الخيارات في الماليات و الأنكحة
[1] في غير «م»: لا يندفع إلّا برفع الزوج يده عنه، كما أغرّه و أضرّه.