و ثالثا نقول: لا يلزم من الاستدلال بنفي الحرج كون ذلك الشيء حرجا بخصوصه، بل لعله لانضمامه إلى التكاليف الأخر، بمعنى: أن الأمام (صلوات الله عليه) يريد أن الله سبحانه كلف بتكاليف معلومة مبينة [1] سهلة ليست على حد العسر و الحرج، و هذه الجزئيات أيضا لو لم يرخص فيها لزم من انضمام ذلك إلى تلك التكاليف الحرج. و لنوضح ذلك في مثال: فإن المولى إذا أمر عبده مثلا بتصعيد مائة من من طعام إلى السطح من درج عال جدا، فلا عسر في ذلك. نعم، لو أضاف إلى ذلك: أن تضع رجلك عند الصعود كذا و عند النزول كذا، و إذا صار بك أ لم مثلا لا تقعد للاستراحة و نحو ذلك عد حرجا و إن كان هذه في جنب أصل التكليف بمنزلة العدم. و نظيره في الشرعيات [2] أن الصلاة لا حرج فيها، و لكن جعل الثقل على القدمين بالسوية موجب للحرج. و بالجملة: المراد: أن بعد ما علمتم من التكاليف التي تعرفون أنه ليس بحرج فلا تثبتوا هذه الأمور الجزئية أيضا، فإنه لو أثبتت هذه الأمور أيضا لانجر إلى الحرج، و المفروض: أن الله لا يريده، فعليك بالتدبر في أطراف الكلام تجده وافيا في حل إشكال المقام، بعون الله الملك العلام. و ربما قيل في رفع الأشكال: إن العسر و الحرج في الأمور يختلف باختلاف العوارض الخارجية، فقد يكون شيء عسرا و حرجا، و يصير باعتبار أمر خارجي سهلا و سعة، و من الأمور الموجبة لسهولة كل عسر و سعة كل مضيق مقابلته بالعوض الكثير و الأجر الجزيل، و لا شك أن كل ما كلف به الله سبحانه يقابله ما لا يحصى من الأجر. و على هذا، فلا يكون شيء من التكاليف عسرا و حرجا، و ما لم يرض أحد فيه [3] بأدنى مشقة يكون من الأمور التي لا يقابلها أجر و لا يستحق