و ما يجمع الغني المال
إلا لنعيم الدنيا و لذاتها و إترافها و قد قال الله تعالى أَذْهَبْتُمْ
طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ
تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ فوعدهم بالعذاب و عيرهم بالتكاثر بقوله تعالى أَلْهاكُمُ
التَّكاثُرُ يعني عن العبادة و الزهد
و اعلم أن إحياء دين
الله و إعزاز كلمته و امتثال أوامر الرسل و الشرائع و نصرة الأنبياء و انتشار
دعوتهم من لدن آدم إلى زمان نبينا محمد لم تقم إلا بأولي الفقر و المسكنة أ و لا
تسمع إلى ما قص الله عليك في كتابه العظيم على لسان نبيه الكريم و بين لك أن
المتصدي لإنكار الشريعة هم الأغنياء المترفون و الأشرار المتكبرون فقال مخبرا عن قوم
نوح إذ عيروه- أَ نُؤْمِنُ لَكَ وَ اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ- وَ ما نَراكَ
اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا يعني بذلك الفقراء منا
و قالوا لشعيب ع وَ إِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً أي فقيرا- وَ لَوْ لا
رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَ ما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ و قال المستكبرون من
قوم صالح للذين استضعفوا- أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ
رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ. قالَ الَّذِينَ
اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ و قال فرعون مزريا
لموسى ع و مفتخرا عليه- فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ و قالوا لمحمد
ص
أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها و كفى بها كله
مدحا للفقراء الراضين و ذما للأغنياء المتكبرين
نام کتاب : إرشاد القلوب إلى الصواب نویسنده : الديلمي، حسن بن محمد جلد : 1 صفحه : 159