فالآية المباركة قد عظّمت المبايعة له صلّى اللّه عليه و آله و
جعلتها عدلا لمبايعة اللّه تعالى، و قد حكمت أيضا برفعة قدرها بأنّ يد اللّه فوق
أيديهم- على بعض الاحتمالات- و حكمت جزما بأنّ من نكث و نقض العهد الّذي تعهّده
بالمبايعة فضرر هذا النقض يرجع إلى نفسه، و هو دلالة على أنّ عهد المبايعة له صلّى
اللّه عليه و آله يكون جميع منافعه إلى المؤمنين المبايعين، و لهذه الجهة تكون
خسارة نقضه أيضا عائدة عليهم و حكمت أيضا بأنّ
مَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً.
ففيه دلالة واضحة على أنّ البيعة مع الرسول- بما أنّه رسول من اللّه
تعالى- بيعة مع اللّه و معاهدة له تعالى بما يقع فيه البيعة، و لذلك فالوفاء بهذه
البيعة و العهد يوجب نيل أجر عظيم من اللّه تعالى.
فالآية المباركة قد وردت في تعظيم شأن المبايعة للرسول صلّى اللّه
عليه و آله تلك الدرجة الرفيعة، إلّا أنّها مع ذلك كلّه فإنّما اشتملت تعظيما لأمر
البيعة و إنّ نكثها يوجب خسرانا على المبايع و الوفاء بها يوجب أجرا عظيما، فمع
ذلك كلّه ليس فيها دلالة على اشتراط فعلية ولاية الرسول الّذي هو وليّ الأمر
بمبايعة المسلمين له و لا على اشتراط وجوب طاعة الناس له صلّى اللّه عليه و آله
بهذه البيعة، بل إنّ أدلّة فعلية ولايته كسائر الولاة المعصومين عليهم السّلام
باقية على مقتضاها من إطلاق الولاية و فعليّتها بلا أيّ شرط، كما أنّ إطلاق أدلّة
وجوب الإطاعة لهم أيضا باقية على ما كانت بلا ورود قيد عليها كما هو واضح.