اشتعالها و اتقادها. فيجب عليه أن يقابل
ضعيف الأعداء بمقابلة قوّيها. و يساوي في الأخذ بالحوطة بين شريفها و دنّيها. فربّ
فتنة كانت عن كلمة يسيرة. و ميتة كان سببها لقمة حقيرة. و قد قيل [المتقارب]:
و قلّ من كان بأعباء[2] السياسة
مستقلا، فكان لقليل الأعداء مستغلا. أو كان بأنوار الصواب مستدلا، فكان لذليل
الأعداء متبذلا[3]. و قد
ضربت الحكماء في ذلك أمثالا. و صرفوا فيه أموالا. و أوردوا عليه من الحكاية عما
شوهد شاهدا و مثالا.
[الصعلوك]
فمن ذلك ما حكي أن بعض الملوك كانت قد فسدت في الرعيّة سيرته. و
اختلت سياسته. و غلب عليه جنده و أقاربه. و قلّت في التدبير مضاربه. فصارت
المنكرات في أعماله فاشية. و المخزيات في بلاده ظاهرة بادية، و حرمات الشريعة
منتهكة. و ذوو القدرة قد قهروا الضعفاء بسوء الملكة. و كان في مدينته رجل صعلوك.
إلّا أن له همّة الملوك. فلما رأى شدّة اختلال الأحوال و اضطرابها و ظهور مبادئ
[1] البيتان لابن نباتة السعدي في: الإعجاز و الإيجاز،
279؛ لباب الآداب 2:
114؛ ديوانه 2: 73 من قصيدة في
مدح شرف الدولة شيرزيل بن عضد الدولة عند وروده بغداد و استيلائه على الملك، و
أنشدها إياه في نوروز سنة تسع و سبعين و ثلاثمائة للهجرة، و في الديوان: الحسام
بدل السيوف.