إشراط الزوال و اقترابها. حدّث نفسه
بالاستيلاء على الملك و التغلب.
و ناجاها بالقفز على الأمر و التوثب. فأخذ في التعرّض للأمر بالمعروف
و النهي عن المنكر. متحققا أن هذا الأمر و إن قلّ مساعده فيه فإنه ممّا لا ينبغي
عليه و لا ينكر. فأظهر القيام بالحسبة[1]
احتسابا. و أنكر على من يتّخذها معيشة و اكتسابا. ثم تدرّج من ذلك إلى الجرأة على
الملك في أحواله. و الإنكار عليه بغليظ القول لمّا كثر انتحاله. و إظهار الاستخفاف
به و قلّة المبالاة. و الاعتراض بالطعن على أحكام الولاة و القضاة. و التفوّه
بألفاظ يقدح[2] بها في
سياسة الملك و سيرته. و تبعث العامة بمقتضاها على خلع طاعته، و نقض بيعته. مستندا
في ذلك إلى ما أظهره من خشونة الزهد و برز فيه من حلية التنسّك و التعبد حتى كثر
من العامة اتّباعه. و كثر من الغوغاء أتباعه. ففطن لسرّ مقصوده ذو و البصائر. و
علموا ما يجرّه التهاون بأمر من سوء الجرائر[3].
فأعلموا الملك بلباب مقصده. و أطلعوا على ما أطلعوا عليه من خبيث معتقده. و أغروه
بسفك دمه. و حذّروه من التفريط المعقب لأسفه و ندمه. فضحك منهم هاربا. و سخر من
[1] الحسبة: أمر بمعروف إذا ظهر تركه و نهى عن منكر إذا
ظهر فعله. للحسبة أبواب كثيرة أوسعها موجودة في الأسواق و الأحياء السكنية و
التجارية و الطرق العامة و غيرها. للتفاصيل انظر: الأحكام السلطانية للماوردي؛
نهاية الرتبة في طلب الحسبة للشيزري؛ معالم القربة في أحكام الحسبة لابن الإخوة(
القاهرة 1976)؛ الحسبة على المدن و العمران للدكتور وليد المنيس( الكويت 1416 ه)؛
الحسبة و المحتسب في الإسلام( بيروت 1970 م)؛ نظام الحسبة في العراق لرشاد معتوق
... إلخ.