(مسألة
2) قوله: و هم الفقهاء الجامعون لشرائط الفتوى و القضاء، مقامه في إجراء السياسات.
أقول: من
البديهي: أنّه لا بدّ في المملكة الإسلامية من حكومة سائسة لأُمور المسلمين.
فالأمر يدور بين أن يكون متصدّي الحكومة الفقيه الجامع للشرائط، و بين الأعمّ منه
و من غيره. فالمسألة من باب دوران الأمر بين التعيين و التخيير، و مقتضى الأصل هو
التعيين، إلّا أن يقوم دليل على خلافه. و لم يدّعِ أحد دليلًا على خلافه، بل
النصوص دلّت على التعيين:
منها: حديث
«الفقهاء حصون الإسلام»[1]؛ فإنّ حفظ
الإسلام ليس بمجرّد بيان الأحكام و حفظها عن الزيادة و النقيصة، بل حفظه من كلّ ما
يوجب تضعيف الإسلام.
و من
الصريح في الدلالة على ذلك: مقبولة عمر بن حنظلة؛ حيث قال (عليه السّلام) بعد ذكر
حرمة طاعة الطاغوت: «ينظر إلى من كان منكم قد روى حديثنا، و نظر في حلالنا و
حرامنا، و عرف أحكامنا؛ فليرضوا به حَكماً؛ فإنّي قد جعلته حاكماً عليكم. فإذا حكم
بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما استخفّ بحكم اللَّه، و علينا رُدَّ، الرادّ علينا
كالرادّ على اللَّه»[2]؛ فإنّه قد
دلّ بالصراحة على أنّ حكم الفقيه واجب الاتّباع، و قد جعله الإمام حاكماً نافذاً
حكمه مطلقاً؛ سواء كان في مقام فصل الخصومة أو غيره.