الصغيرة
تخجل غالباً من النطق بقبول الزواج، أما الثّيب وهي من تزوّجت سابقاً، فقد امتلكت
تجربة وعقلًا يخوّلانها تقرير الزواج بارادتها. والذين اشترطوا إذن الولي للعقد
إنما نظروا إلى أن المرأة البكر مع اقرار حقها في الاختيار تمنع من انفرادها به مع
عدم تجربتها للأمر سابقاً، وبطبيعة الحال يحتمل غلبة عواطفها على عقلها عندئذٍ،
فيضمّ عقل وليّها إليها دعماً ونظراً لها لا عضلًا وعصراً وضرراً، أما إذا بلغ ذلك
فهنالك القاعدة الفقهية العامة: «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام على أحد»[1]،
ثم هم إنما يحصرون الولاية في الأب والجدّ للأب، ولا يسمحون بها لغيرهما من عمّ أو
أخ أو أم، تضييقاً لدائرة الولاية، وتوسيعاً لنطاق حق الحرية للمرأة.
بينما
كانت القيمومة في الجاهلية للأب بتاتاً، فهو الذي يقرر مصير الأولاد ويتولى
تزويجهم باختياره، وتبعاً لحساباته الخاصة به، وكان له حق العضل أي المنع من
الزواج، بل حتى لأخيها، بل لقريبها إذا أرادها غريب، فينهى عنها ليتزوّجها هو،
فإذا لم ترض به منعها من الزواج، ولا تزال هذه النزعة في الأرياف والبوادي
العربية، ويسميها العراقيون النَهْوَة، وفي نواحي الفرات الشمالية والشام تمسى
(الحيار) من الحيرة، وهي محرمة في الشريعة.
[1] - رسالة لا ضرر ولا ضرار للشيخ حبيب اللَّه
الشيرازي.