الأعمال مطابقا لسعادة الحياة وصفها
بالحسن ثمّ أمر بها و ندب إليها، و ما كان على خلاف ذلك وصفها بالقبح و المساءة
ثمّ نهى عنها و حذّر منها، و حسن الفعل و قبحه موافقته لغرض الحياة و عدمها. 1
الاعتباريات النفس الأمرية
إنّ للمصالح و المفاسد ثبوتا واقعيا و
ظروفا من التحقّق منحازا عن العالمين- الذهن و الخارج-منعزلا عن الدارين: -العلم و
العين-و هي تؤثر أثرها في خارج الكون بالموافقة و المخالفة فإذا طابقت أفعالنا أو
أحكامنا المصالح الواقعية الثابتة في نفس الأمر ظهرت فيها المصلحة و انتهت إلى
السعادة، و إذا خالفتها و طابقت المفاسد الواقعية الحقيقية ساقتنا إلى كلّ ضرّ و
شرّ، هذا النحو من الثبوت ثبوت واقعي غير قابل للزوال و التغيّر. فللمصالح و
المفاسد الواقعية، و كذا لما معها من الصفات الداعية إلى الفعل و الترك كالحسن و
القبح، و كذا للأحكام المنبعثة منها كوجوب الفعل و الترك مثلا لكلّ ذلك ثبوت واقعي
يتأبّى عن الفناء و البطلان، و يمتنع عن التغيّر و التبدّل، و هي حاكمة فينا باعثة
لنا إلى أفعال كذا أو صارفة، و العقل ينال هذه الأمور النفس الأمرية كما ينال سائر
الأمور الكونية.
فهي أمور اعتبارية وضعية لها أصل حقيقي
و هو أنّ الإنسان-و نظيره سائر الحيوانات الاجتماعية كلّ على قدره-في مسيره الحيوي
الّذي لا يريد به إلاّ إبقاء الحياة و نيل السعادة ناقص محتاج يرفع جهات نقصه و
حاجته بأعماله الاجتماعية الصادرة عن الشعور و الإرادة، فاضطرّه ذلك إلى أن يصف
أعماله و الأمور التي تتعلّق بها أعماله في طريق الوصول إلى غاية سعادته و التجنّب
عن شقائه بأوصاف الأمور الخارجية من حسن و قبح، و وجوب و حرمة و جواز و ملك و حقّ
و غير ذلك، و يجري فيها نواميس الأسباب و المسببات، فيضع في إثر ذلك قوانين عامة