ظرف الاجتماع، فهذا بيان تام يتوافق فيه
البرهان و الوحي» . 1
و ليس معنى الآية أنّ له تعالى أن يفعل
كلّ فعل و لو كان مخالفا للعدل و الحكمة، و في ذلك يقول مؤلف المنار: «الآية إنّما
تنفي أن يكون لأحد من الخلق سلطان على الربّ عزّ و جلّ يحاسبه به و يسأله عن شيء و
تثبت له وحدة السلطان إلاّ على كلّ فاعل مختار من المكلّفين كسائر خلقه، فهو به
يحاسبهم و يسألهم عمّا فعلوا بنعمته التي أنعم بها عليهم و عمّا كلّفهم إياه.
و لا يدخل في هذا الإثبات أنّه يجوز
عليه تعالى أن يجعل المسلمين كالمجرمين و المتّقين كالفجّار، بل هذا محال عليه
سبحانه كما يدل عليه العقل الذي وهبه، و الكتاب الذي أنزله (68:35 أَ فَنَجْعَلُ
اَلْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ 36 مٰا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ 28:27
أَمْ نَجْعَلُ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ
كَالْمُفْسِدِينَ فِي اَلْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ اَلْمُتَّقِينَ
كَالْفُجّٰارِ . 2
5. لو كانا بالذات لما اجتمعا
احتجّ المنكرون لكون الحسن و القبح
ذاتيّين للأفعال بأنّهما لو كانا بالذات لما اجتمعا في فعل واحد مع أنّه لو قال
أحد: لأكذبنّ غدا، كان العمل به قبيحا و حسنا معا، لأنّه كذب و وفى بالوعد. 3
يلاحظ عليه: أنّ الذاتي في باب الحسن و
القبح ليس المحمول الذي مقوّم لذات الموضوع، كما هو المقصود في باب الايساغوجي من
المنطق، حتى يستحيل اجتماع العنوانين الذاتيين المتنافيين في موضوع واحد، بل معناه
كما مرّ مرارا العنوان