اختلفوا في أنّ الحسن و القبح هل ذاتيان
للأفعال أو لا؟ و على الأوّل، ما هو المراد من الذاتي في هذا المجال؟
نسب إلى قدماء المعتزلة أنّهم كانوا
قائلين بالذاتية، و عن بعض المتقدمين بعدهم أنّ الحسن و القبح لصفات حقيقية في
الأفعال، و عن الجبّائي أنّ الحسن و القبح ناشئان من صفات إضافية تختلف بحسب
الاعتبارات، و منهم من قال بالتفصيل بين الحسن و القبح، فالقبح يرجع إلى صفة في
الفعل دون الحسن.
قال الفاضل القوشجي: «ذهب الأوائل منهم
إلى أنّ حسن الأفعال و قبحها لذواتها لا لصفات فيها يقتضيها، و ذهب بعض من بعدهم
من المتقدمين إلى إثبات صفة حقيقية توجب ذلك مطلقا أي في الحسن و القبح جميعا، و
ذهب أبو الحسين من متأخّريهم إلى إثبات صفة في القبيح مقتضية لقبحه دون الحسن، إذ
لا حاجة إلى صفة محسّنة له، بل يكفيه لحسنه انتفاء الصفة المقبّحة، و ذهب الجبّائي
إلى نفي الصفة الحقيقية فيهما مطلقا، فقال: ليس حسن الأفعال و قبحها بصفات حقيقية
فيهما، بل لوجوه اعتبارية و صفات إضافية يختلف بحسب الاعتبارات كما في لطمة اليتيم
تأديبا و ظلما» . 1
و حكى القاضي عبد الجبار عن الكعبي (م
317 ه) أنّه قال: «إنّ القبيح لوقوعه بصفة و عينه» و الظاهر أنّه أراد الذاتية، و
المختار عند عبد الجبار هو قول الجبائي حيث قال: «إنّ القبيح إنّما يقبح لوقوعه
على وجه نحو كونه ظلما» . 2
و هناك تفصيل آخر و هو القول بالذاتية
في بعض الأفعال، و بالوجوه و الاعتبارات في بعض آخر، قال الشيخ الأنصاري: «و قيل
باختلاف الموارد، فربما يكون ذاتيا كما في الظلم و الشرك و شكر المنعم و الخضوع
لوجهه الكريم، و ربما
[1] شرح التجريد للقوشجي، ص 338، و شرح
الأسماء الحسنى للسبزواري، ص 106.