1. ما يستقلّ العقل بإدراك جهة حسنه أو
قبحه بديهة، كالعدل و الظلم، و الصدق النافع و الكذب الضار.
2. ما يستقل العقل بذلك بالتأمّل و
النظر، كالصدق الضار و الكذب النافع-مثلا-.
3. ما لا استقلال له في إدراكهما، و
إنّما يكشف عنهما من طريق الحكم الشرعي، كحرمة الصوم في أوّل شوال، و وجوبه في شهر
رمضان، و استحبابه في بعض الأيام.
و الأشاعرة منكرون لذلك أيضا كلّيا،
فالنزاع في هذا المقام قائم على الإيجاب الجزئي و السلب الكلّي، فالنسبة بين
القولين في المقام الأوّل هي نسبة التضاد، و في هذا المقام نسبة التناقض.
و ممّن تنبّه لذلك المحقّق الأصفهاني
حيث قال: إنّ الكلام في المرام يقع في مقامات:
«أحدها: أنّه هل يثبت للأشياء مع قطع
النظر عن حكم الشرع و تعلّق خطابه بها أحكاما عقليّة من حسنها و قبحها ليكون حكم
الشرع على مقتضياتها كاشفة عن تلك الصفات الواقعية؟ أو أنّها لا حكم لها بملاحظة
أنفسها مع قطع النظر عن أمر الشارع بها أو نهيه عنها؟ و هذا هو الذي ذهب إليه
الأشاعرة، و الكلام في هذا المقام في الإيجاب و السلب الكلّيين.
ثانيها: أنّ العقل هل يدرك حسن الأفعال
و قبحها من غير إعلام الشارع بهما و بيانه لشيء منهما؟ فالأشاعرة المنكرون لأصل
الحسن و القبح العقليين يلزمهم نفي ذلك رأسا، و أمّا الآخرون فالمعروف بينهم جواز
ذلك و حصوله في بعض المطالب» . 1
[1] هداية المسترشدين، ص 432، ط مؤسسة
آل البيت عليهم السّلام و ثالث المقامات في كلامه هو البحث عن الملازمة بين حكم
العقل و الشرع و هي مسألة أصولية لا تتعلق ببحثنا هذا.