مذهب الأخباريين (و هم طائفة من علماء
الشيعة) نفي الاعتماد في أمر الدين، أصوله و فروعه، على الإدراكات العقلية. 1و
قالوا في تفسير كلامهم هذا وجوها:
1. إنكار إدراك العقل للحسن و القبح
الواقعيين، و هذا هو المقام الثاني (مقام الإثبات) في مسألة الحسن و القبح.
2. إنكار الملازمة بين حكم العقل و
الشرع و هذا خلاف في مسألة أصولية.
3. إنكار وجوب إطاعة الحكم الشرعي
الثابت من طريق العقل، بعد الاعتراف بالملازمة، و مرجع ذلك إلى إنكار حجّية العقل،
و هذا أيضا مسألة أصولية يبحث عنها في باب الحجّة من أصول الفقه. 2
و يظهر من كلمات بعضهم أنّ الأحكام
العقلية حجّة في البديهيات دون النظريات، و لعلّه يرجع إلى أنّ العقل لا يتمكّن من
التعرّف على جهات حسن الأفعال و قبحها كلّية و تامّة، و لا يصل إلى مناطات الأحكام
الشرعية كذلك، و هذا لا يقول به أحد من العدلية أيضا. قال صاحب الهداية: فيما حكى
كلام الفاضل الجزائري: «إنّه نصّ على أنّ ما كان من البديهيات يمكن الاستناد فيه
إلى العقل و انّه الحجّة فيه، و ما كان من النظريات لا يصحّ الاستناد فيه إلى
العقل أصلا، فيرجع ما ذكره بانحصار المدرك في غير ضروريات الدين بالأخبار المأثورة
عن الأئمّة المعصومين عليهم السّلام» . 3
[1] المصدر نفسه، نقلا عن المحدث
الأسترآبادي، و الفاضل الجزائري، و صاحب الحدائق، و من تبعهم.