إذا كان العقل العملي مبدأ للإدراك
كالعقل النظري فلما ذا يقال: إنّ إطلاق العقل عليهما باشتراك الاسم؟
و يجاب عنه بوجهين:
الأوّل: أنّ قضايا العقل العملي و
إدراكاته ليست من العقليات المحضة، بل من المشهورات و هي إمّا من الأوّليات و إمّا
غيرها ممّا قد يتوقف العقل في الحكم بها، لكنّها مشهورة عند الجمهور، و هذا الوجه
مذكور في كلمات الشيخ. قال في النجاة-في وصف إدراكات العقل العملي-: «من المقدمات
المبينة الانفصال عن العقلية المحضة في كتب المنطق» . 1
و قال في الشفاء: «من المقدمات المحدودة
الانفصال عن الأوّليات العقلية المحضة في كتب المنطق، و إن كانت إذا برهن عليها
صارت من العقلية أيضا على ما عرفت في كتب المنطق» . 2
الثاني: أنّ إدراكات العقل العملي ليست
بكلية دائما، إذ هو-كما تقدم- يستفيد في تدبير البدن من المتخيّلة و المتوهّمة، و
شأنهما إدراك الصور أو المعاني الجزئية، و هذا بخلاف العقل النظري، فإنّ إدراكاته
كلّية مطلقا» .
قال المحقّق الطوسي: «الشروع في العمل
الاختياري الذي يختصّ بالإنسان لا يتأتّى إلاّ بإدراك ما ينبغي أن يعمل في كلّ
باب، و هو إدراك رأي كلّي مستنبط من مقدمات كلّية أوّلية، أو تجربية أو ذائعة، أو
ظنّية، يحكم بها العقل النظري، و يستعملها العقل العملي في تحصيل ذلك الرأي
الكلّي، ثمّ إنّه ينتقل من ذلك باستعمال مقدمات جزئية أو محسوسة إلى الرأي الجزئي
الحاصل، فيعمل بحسبه و يحصل بعمله مقاصده في معاشه و معاده» . 3