فتحصل أنّ العقل-عدا المعنى الأخير-إمّا
يراد منه العقل النظري، و إمّا العقل العملي، و عندئذ ينطرح سؤالان:
الأوّل: هل هناك قوّتان للنفس، أو قوّة
واحدة ذات جهتين، أو لا اختلاف إلاّ في ناحية المدرك (بالفتح) ؟
الثاني: على الفرض الأوّل: هل العقل
العملي مبدأ للإدراك أو الحركة و الفعل، و هل هو قوة عاقلة أو قوة عاملة؟
فالذي يبدو من كلمات الشيخ الرئيس في
البحث الأوّل هو أنّ للنفس قوّتين عقليّتين: عقل نظري و عقل عملي، قال في
الإشارات: «فمن قواها ما لها بحسب حاجتها إلى تدبير البدن و هي القوّة التي تختصّ
باسم العقل العملي-إلى أن قال: -و من قواها ما لها بحسب حاجتها إلى تكميل جوهرها
عقلا بالفعل، ثمّ ذكر مراتبها الأربع، أعني: العقل الهيولاني، و العقل بالملكة، و
العقل بالفعل، و العقل المستفاد» . 1
و هذا هو ظاهر كلام الفارابي أيضا في
«فصول منتزعة» حيث قال: «القوة الناطقة هي التي بها يعقل الإنسان، و هذه منها عملي
و منها نظري، فالنظري هو الذي به يعلم الإنسان الموجودات التي ليس شأنها أن
نعملها، مثل أنّ الثلاثة عدد فرد، و العملي هو الذي به تميّز الأشياء التي من
شأنها أن نعملها و نغيّرها من حال إلى حال» . 2
و لكن الحكيم السبزواري صرّح بأنّ
القوّة العقلية واحدة ذات جهتين حيث قال: «ليس العقلان كقوتين متباينتين، أو
كضميمتين إحداهما كالمدركة عاقلة، و الأخرى كالمحركة خالية عن العقل، بل هما
كجهتين لشيء واحد هو النفس الناطقة و العاقلة، و إحدى الجهتين يخالف الأخرى، سيما
أنّ إحداهما تنفك عن