هي مبادئ لها من العلوم النظرية التي
غايتها أن تعلم لا أن يفعل بها شيء.
و هذا العقل ممّا يتزيّد و يشتدّ مع
الإنسان طول عمره، فإنّ من حنّكته التجارب و هذّبته المذاهب يقال في العرف أنّه
عاقل، و يتفاوت و يتفاضل فيه الناس تفاضلا كثيرا.
4. الشيء الذي به يقول الجمهور في
الإنسان أنّه عاقل، و مرجعه إلى جودة الرّويّة و سرعة التفطّن في استنباط ما ينبغي
أن يؤثر أو يتجنّب و إن كان في باب الأغراض الدنياوية و هوى النفس الأمّارة
بالسوء، فإنّ الناس يسمّون من له هذه الرويّة المذكورة عاقلا و يعدون معاوية من
جملة العقلاء، و أمّا أهل الحقّ فلا يسمّون هذه الحالة عقلا بل اسماء أخر كالنكراء
أو الشيطنة أو الدهاء أو شبه هذه الاسماء.
5. العقل الذي يذكر في كتاب النفس، و هو
يطلق على أربعة أنحاء و مراتب: عقل بالقوّة، و عقل بالملكة، و عقل بالفعل، و عقل
مستفاد.
6. العقل المذكور في كتاب الإلهيات و
معرفة الربوبيات و هو الموجود الذي لا تعلّق له بشيء إلاّ بمبدئه و هو اللّه
القيوم، فلا تعلّق له بموضوع كالعرض، و لا بمادّة كالصورة، و لا ببدن كالنفس، و
ليس له كمال بالقوة، فهذه معاني العقل المشتركة في الاسم. 1
و ظاهر كلامه أنّ العقل في اصطلاح
المتكلمين يطلق على نفس القضايا المشهورة، و لكن المستفاد من كلمات القدماء أنّ
المقصود منه ما يدركها، قال المحقّق الطوسي: «المشهورات المطلقة ما يراها الجمهور
و يحمدها بحسب العقل العملي كقولنا: العدل حسن، و يسمى آراء محمودة» . 2
[1] لاحظ شرح أصول الكافي، ص 19-20،
مفاتيح الغيب، المطبوع بضميمة شرح الكافي، ص 530، و الأسفار، ج 3، ص 419 و 513.