و للعقل في المحاورات و في مصطلح
العلماء إطلاقات أنهاها صدر المتألهين إلى ستة معاني:
1. الغريزة التي بها يمتاز الإنسان عن
البهائم و يستعدّ لقبول العلوم النظرية و تدبير الصناعات الفكرية، و يستوي فيه
الأحمق و الذكي، و يوجد في النائم و المغمى عليه و الغافل، و نسبة هذه الغريزة في
استعدادها لانكشاف العلوم كنسبة المرآة إلى صور الألوان، و نسبة العين إلى صور
المرئيات. و العقل بهذا المعنى يستعمله الحكماء في كتاب البرهان و يعنون به قوّة
النفس التي بها يحصل اليقين بالمقدمات الصادقة الضرورية لا عن قياس و فكر، بل
بالفطرة و الطبع و من حيث لا يشعر من أين حصلت و كيف حصلت، فإذن هو جزء ما من
النفس تحصل بها أوائل العلوم.
2. العقل الذي يردّده الجمهور من
المتكلمين في ألسنتهم فيقولون: هذا ما يوجبه العقل، و هذا ما ينفيه العقل، و إنّما
يعنون به المشهور في بادي الرأي المشترك عند الجميع أو الأكثر، فهذا ما يسمّونه
العقل، كما يظهر من استقراء استعمالاتهم هذا اللفظ، و من هذا الباب العلوم
الضرورية كالعلم بأنّ الاثنين ضعف الواحد، و أنّ الأشياء المساوية لشيء واحد
متساوية.
3. العقل الذي يذكر في كتاب الأخلاق و
يراد به جزء من النفس الذي يحصل بالمواظبة على اعتقاد شيء شيء، و على طول تجربة
شيء شيء من الأمور الإرادية التي لنا أن نؤثرها أو نتجنّب عنها، فإنّ ذلك الجزء من
النفس سمّي عقلا، و القضايا التي يحصل للإنسان بهذا الوجه و في ذلك الجزء من أجزاء
النفس هي مبادئ الرأي فيما سبيله أن يستنبط من الأمور الإرادية الّتي شأنها أن
تؤثر أو يتجنب، و نسبة هذه القضايا إلى ما تستنبط بها كنسبة القضايا الضرورية إلى
ما